خاچيَّة خوشِيَّة

خاچيَّة خوشِيَّة

بقلم : أ.د.ضياء واجد المهندس

 

 

الخوشِيَّة جيلٌ من الشَّقاواتِ ظهر َفي بدايةِ السبعينيَّاتِ في المناطقِ الشعبيةِ بدعمٍ من الأمنِ الحكوميِّ آنذاك حيثُ استُخدِموا في ضَربِ الشيوعيين و الإسلاميين المتحزِّبين، وبعدها انقلبَت عليهم الحكومةُ وتمَّ تصفيتهم في عهد وزير الداخلية سمير الشيخلي..

كان خمَّاس الملقَّب ب(خماس أبو راس) لكُبرِ رأسِهِ شقيًّا في مدرسةٍ ابتدائيةٍ في أحد قطاعات مدينة الثورة وكان يعتبر نفسه (خوشي صغير)، حيثُ اعتادَ أن يحمِلَ معهُ حديدةً تُشبهُ التي يستخدمها أصحابُ المطاعمِ في شِواءِ الكبابِ..
ذاتَ مرَّةٍ قامَ خمَّاس بكَسرِ زُجاجِ صفِّهِ، و عندما أتت المرشدةُ بعد أن سمِعت صوتَ الزجاج المتكسِّر، قالت لطلبة الصف: مَن كسرَ الزجاجَ؟؟!
أشارَ بعضُ الطلابِ خِلسةً إلى خمَّاس الجالس قُربَ النافذةٍ مكسورةِ الزجاجِ، وهو ينظر إلى الساحة غير مبالٍ، وقتها اقتربت منه المرشدة وقبل أن تسأله شَهَرَ حديدَتَهُ، فارتبكَت المرشدةُ وقالت: أُعيدُ السؤالَ مرَّةً ثانيةً، مَن كسرَ زجاجَ الصَّفِ بحديدةِ خمَّاسٍ؟؟؟!!!!!!
صمتَ الجميعُ، ذهبت المرشدةُ وعادت بعد حينٍ مع المديرة التي قالت ل خمَّاس:
إبني، نخاف عليك من الزجاج المتكسِّر ، وإلَّا فِدوَة إلَك كل الچام..

تقول خاچيَّة: تمَّ نقلي إلى الصف الذي فيه خمَّاس، وبدأ معي بالتحرُّش اللفظي لكنّي تجاهلته. وتضيفُ خاچيَّة قائلة: عندما عُدتُ إلى البيت أبلغتُ أُمِّي، التي طلبَت منِّي أن أضربَه، وإذا ردَّ فإنها ستُرسلُ شقيقي سرحان ل(يملُص رقبته)..
وفي اليوم الثاني، ذهبَت خاچيَّة ومعها حقيبة قديمة قوية وثقيلة من حقائب والدها في العسكرية وملأتها كُتُبًا.. عندما اقتربَ منها خمَّاس مُتحرِّشًا، وهي تسيرُ بهدوءٍ إلى ساحة المدرسة في الاصطفاف الصباحي ، قامت خاچيَّة بضربِهِ بالحقيبة بشكلٍ متكرِّرٍ حتى سقطَ على الأرضِ مُضَرَّجًا بالدماءِ و هو يسبُّ ويشتمُ وخاچيَّة لم تتوقَّف عن ضَربهِ كلَّما شتمَ، حتى سكتَ، ثم قال إلى المديرة:
سِت صيحي أمِّي، أريد أمّي..
بعدها دخلت خاچيَّة إلى الصف حاملةً حقيبتَها المتَّسِخة بدمِ خمَّاس ..
من وقتها و الجميعُ يحسِبُ ل خاچيَّة ألفَ حسابٍ..
تقول خاچية: لم أحِس بأُنوثتي منذُ الخامس ابتدائي لأنَّ الكلَّ يخافُ أن يغازلني أو يصرِّح باعجابه لي، وحتى عندما تزوَّجتُ، فإنَّ زوجي لا يمتلك أحاسيسَ أو تعابيرَ غَزَلٍ، وأتذكَّر مَرَّةً أني طلبتُ منهُ أن يغازلني وأن يتعلَّم أن يقولَ لي أُحِبُّكِ، عُمري، أذوب فيكِ، أعشقُكِ..
تستطرِدُ خاچيَّة:
قال زوجي: عيب أتحارش بيكِ، وحرام، الله يسمعنا، وبعدين ندخُل جهنَّم…

في ظِلِّ قرارِ حكومةِ محمد شياع السوداني الرشيد بتخفيضِ سعرِ صرف الدولار مقابل الدينار العراقي فإننا نحتاجُ إلى ألف حقيبة وحقيبة، وألف خاچيَّة وخاچيَّة لكي نكسِرَ رؤوسَ الفاسدينَ و السارقينَ و المهرِّبينَ و تُجَّارِ غسيلِ الأموالِ لكي لا يحدثَ في أسواقِنا اضطراباتٍ تُثقِلُ كاهِلَ شعبِنا المسكين.

اللهمَّ ارزقنا بخيرِكَ الوفيرِ..
وأنعِم علينا بعطائِكَ الكبيرِ..

البروفيسور د ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار