رمضان بر وتقى وصبر وجهاد ووفاء

رمضان بر وتقى وصبر وجهاد ووفاء

ق. حسين بن محمد احمد المهدي

مامن شك في أن الصوم اختبار روحي وتجربة خلقية يتمكن الإنسان من خلالها اكتساب ملكة التقوى.
فالتقوى هدف الصوم وثمرته.
فإذا أصبت هدف صومك،
اكتسبت ملكة التقوى،
وحصلت على مطلوبك،
وحصدت ثمرة صومك،
ونجحت في جعل صومك إيمانا واحتسابا.
إذا أخطأ الصائم في إصابة هدفه من الصوم ضاع عمله في الدنيا، وكان حظه من الصوم الجوع والعطش، وخرج من الدنيا بغير نصيب، يحاسب على مااكتسبه من حلالها، ويعاقب على ما اكتسبه من الحرام.
فالعاقل من جعل صومه إيمانا واحتسابا، واكتسب ملكة التقوى، وحصل على البر والثواب في الدنيا والآخرة.
إذا وصل الصائم إلى مرتبة التقوى دانت له الدنيا والأخرى،
وصار على جوارحه سيدا مطاعا جديرا بالاستخلاف في الأرض والتمكين(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).
و السيادة على النفس والتحكم في اهوائها ونزواتها وقيادتها إلى مايصلحها في دنياها ويعزها ويشرفها أرقى أنواع السيادة والعبادة.
فحين يسود الإنسان نفسه، ويخلص عبادته لربه تدين له الحياة الدنيا ويكون في أمنٍ من غرورها، ولم يحل بينه وبين الجنة سوى الموت يلقى ربه فيفيه بما وعده(إلا الصوم فانه لي وانا اجزي به)
والصوم من البر، وقد أرشد الحق سبحانه وتعالى عباده ببيان من هم أهل البر وأهل الصدق في إيمانهم، وأهل التقوى في أعمالهم، موضحا صفتهم على سبيل الحصر البياني المومؤ إليه بإسم الإشارة(أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
وفي بيان تعدد أهل الصدق والتقوى يقول العزيز العليم ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‏ وَالْيَتامى‏ وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
والبر ورد بمعنى: البار، وبمعنى: الخير.
لقد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم (سُئِلَ عن البر فتلى هذه الآية) وهي واضحة الدلالة في أن العمل الصالح ليس محصورا في تحري الإنسان القبلة في الصلاة، ولكن العمل الصالح هو الإيمان بالله واليوم الآخر.
وخص اليوم الآخر لما فيه من بعث وحساب، ونعيم وعذاب.
والكتاب: اسم جنس لكتب الله جميعا فقد دلت آيات أخرى على ذلك منها: ( وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ).
واتى المال
وَآتَى الْمالَ : أي أعطى المال رغم حبه للمال وحاجته إليه؛ لأن مقتضى الحب الحاجة إلى المحبوب. فأين المنفقون لأموالهم في الجهاد في سبيل الله ومن اجل نصرة المستضعفين في فلسطين والمجاهدين فإن الله سائلهم عما أعطاهم من مال ومتعهم به، ولن يكونوا في عِداد أهل البر مالم ينفقوا من أموالهم طيبة بها نفوسهم،
ثم أشار إلى مصرف ذلك، وخص بالذكر بعد ذلك مَن أقام الصلاة لان المجتمع بحاجة إلى قوة ترفع من نفسية الأفراد على وجه الاستمرار إلى مُثُلٍ عليا حتى لاتنحصر روابط الأفراد في الحاجات المادية؛ ولأن الصلاة تمد الجماعة الانسانة بالقوة الروحية التي لابد منها.
فالانسان إذا لم تتصل روح بمبدعها وخالقها ظهرت فيها مظاهر الوحشة والاكتئاب.
ثم ذكر سبحانه من آتَى الزَّكاةَ باعتبارها ركن الإسلام، ولاتحصل الأخوة الدينة بين المسلمين إلا بأداء الزكاة، فبها جبر حالة الفقراء والمساكين، وفك أسر المحتاجين، وفي سبيل الله سهم المجاهدين الذي لو أعطاه أرباب الثروات النفطية وحدها في العالم الإسلامي لما احتاج المجاهدون في فلسطين إلى غيره.
وذكر الزكاة بعد ذكره إيتاء المال على حبه وبعد فريضة الصلاة يظهر أن ايتاء المال على حبه غير الزكاة وأنه قرينها وقرين الصلاة والإيمان بالله واليوم الآخر.
ثم ذكر بعد ذلك وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ بصيغة الجمع فكثيرا ماتاتي العهود من الجماعة ويجب الوفاء بها.
ثم خص من أهل البر بالذكر على سبيل المدح والثناء للصَّابِرِينَ في (البأساء) أي الفقر و(الضراء) أي المرض. (وحين الْبَأْس) أي وقت اشتداد القتال.
ويفهم من هذا المدح والثناء وتخصيص الصابرين حين القتال شرف للمجاهدين في فلسطين وفي البحر الأحمر والعربي ليس بعده شرف أن يخصهم الله بالمدح والثناء.
فعلى الأمة الإسلامية أن تحذوا حذو المجاهدين في فلسطين والبحر العربي والأحمر، وان يصغوا إلى المحاضرات الايمانية في الامسيات الرمضانية لقائد المسيرة القرآنية إمام الجهاد والاجتهاد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي _يحفظه الله- فهو سيف الله المسلول على الصهيونية اليهودية التي استباحت أرض المسلمين في فلسطين ومقدساتهم واستباحت الدماء وشاركتها بعض الدول الصهيونية في أمريكا وأوروبا لتحل اللعنة عليهم وسيندمون على فسادهم، وعما قريب يهزم هؤلاء ويلحقهم الذل والعار في الدنيا والآخرة.
والشكر لله وحده ثم للمجاهدين في فلسطين والبحر العربي والأحمر من أنصار الله وحزبه في محور المقاومة اليمن ولبنان والعراق وايران على مايبذلونه تجاه فلسطين التي هي قضية الأمة والذي يعتبر الجهاد فيها جهاد في سبيل الله لامرية فيه ولكل من رفع راية الجهاد وسعى في رفع الظلم على الشعب العربي المسلم فلسطين. وتحية خالصة للمجاهدين في فلسطين من أبناء فلسطين الأحرار وندعو الكل في هذه الليالي المباركة للدعاء لهم بالنصر (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار