المجتمع المهدوي في مواجهة الإعلام المؤدلج والممول

المجتمع المهدوي في مواجهة الإعلام المؤدلج والممول

أم زهراء الصفار

لقد بات واضحاً وجليّاً حجم المؤامرة الخبيثة التي يقودها تحالف قوى الشر والظلام ضدنا ومحاولة تمزيقنا من الداخل، تارةً بالخلافات والمناكفات والمماحكات، وأخرى بالفتن وإشاعة ثقافة اليأس والقنوط في مجتمعنا الذي عانى ولفتراتٍ طويلة من الزمن تحت ظروف قاهرة فُرِضت عليه لاغتصاب وسلب حقوقه المشروعة وفق أجندات وخطط وضعها العدو والمتربصين به شرا، والغاية منها تسيّد الجهل، وتغييب العقل لتخلوا الساحة من عناصر القوة والمقاومة وكذلك لكسر إرادة الممانعة والتحرّر لديه ، لتتشرعن بعد ذلك جرائم الظلمة والطغاة فتُستأصل قوة الردع في قبالة أطماعهم، لتُنتهب الخيرات، وتُغيَّر مقدّرات الشعوب وتتحطم من خلال افتعال الأزمات والنعرات الطائفية.
إن الإعلام المسيس والمموَّل يستَهدف بالدرجة الأولى العلماء والقادة والرموز مـن قبـل كائنات (البلياتشو والمهرّجين) والتي تستتر خلف وجوه ملوّنة وأقنعة مزيفة وأفكار مقيتة تعمد على تزييف وتدليس الحقائق، دينها السخرية من القيم الأخلاقية والسلوكية، وديدنها علمنة الدين ونشر مفردات الانحراف والفساد، وما يثير الاستغراب هنا هو أنّ هذه المنظومات الإعلامية الصفراء تستهدف حواضن الشيعة ومقدساتهم دون سواها، وبالاخص العمامة الشيعية ، لتُصور للناس أنّ اتباعها لا يمتلكون ثقافةً ولا وعياً، بمحاولة بائسة يهدفون من خلالها جر المجتمع الى الضياع عبر بوّابتين ممنهجتين : الأولى نشر الفساد والخلاعة والميوعة بغزوٍ ثقافي ناعم لخلخلة وضرب المنظومة الأخلاقية والسلوكية لمجتمع محافظ، والبوّابة الثانية هي محاربة المؤسسات الدينية ابتداءً بالمرجعية الدينية الهادية صاحبة قرار فتوى الدفاع المقدس، تلك التي أطاحت بجبروت دول الاستكبار وطوحت بمخططاتهم الإرهابية، وهزمتهم في سوح الجهاد وسواتر الشرف على يد أبناء علي والحسين وأجبرتهم على الخنوع والخضوع والاستسلام.

إذاً… في قبالة ما يبذله إبليس ونظام الكفر والاستكبار العالمي من جهودٍ في آخر الزمان للحفاظ على نتاج ظلمهم وباطلهم ، فقد أصبح لزاماً على المنتظرين أن يبذلوا كذلك قصارى جهودهم دفاعاً عن حقوقهم ونصرةً لمظلوميتهم، وهنا يأتي دور القيادة الصالحة الممهِّدة وتصديها لقيادة المجتمع وتعزيز عناصر قوته واسباب نهضته ورفعته واستثمار طاقاته واقتداره لخدمة المسيرة، ولتتحمل الأمانة التمهيدية للإمام (صلوات الله وسلامه عليه)، وسدّ الثغرات، واقتلاع جذور الفساد ومحاربة الأعداء بنفس الأدوات التي يعوّلون عليها لإشاعة ثقافة اليأس والقنوط والاحباط وفقدان روح الصبر والمقاومة وإرادة التحدي لدينا، وكمجتمع ممهّد عليه أن يتبنّى الدعوة الى الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإصلاح الأوضاع الفاسدة، وإيجاد المَكنة والقابليّة للتصدي للحملات الإعلامية الممنهجة التي تستهدف الفكـر والقيم والدين والعقيدة.
القرآن الكريم نفسه يشرح لنا ما هو المجتمع الرشيد، قال تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} آل عمران : 104
وقال تعالى :{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} آل عمران: ۱۱۰
وورد عن النبي الأكرم ـ صل الله عليه وآله ـ أنه قال : (لتأمُرُنَ بالمعروف، ولتنهُنّ عن المنكر أَو يسلّطن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم).
وورد عن النبي الخاتم ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (إنّ بالأمر بالمعروف تقام الفرائض، وتأمن المذاهب ـ أي أنّ المجتمع يعيش حياة آمنة ـ وتُحَلُّ المكاسب، وتُمْنَع المظالم، وتُعْمَر الأرض، ويُنْتَصف للمظلوم من الظالم، ولا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزِعَت منهم البركات، وسُلِّطَ بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصرٌ في الأرض ولا في السماء)
إن إنقاذ مجتمعنا والحفاظ على هويته ومنظومته لَهوَ من أوجب واجبات الانتظار الإيجابي، ويقيناً ومما لاشكّ فيه أنّ أوضاعنا الاجتماعية تسودها نواقص كبيرة شأننا شأن بقية المجتمعات الاخرى، وعلى المنتظِر أن يُشمر عن ساعديه ويبرز همّته في هذا المجال، وخلاف ذلك ستسود حالة السلبية والتواكل محل حالة الجدّية في التعامل مع القضايا الكبرى، وحينما سُئل الإمام العسكري (صلوات الله وسلامه عليه) عـن حال ضعاف الشيعة في زمن الغيبة، أجاب (صلوات الله عليه) بأنّ هناك ثمّة من سيقيّضه الله سبحانه وتعالى لكي يستنقذهم، تُرى من هو هذا الذي سيُقيّضه الله سبحانه وتعالى لكي يستنقذ يتامى وضعاف الشيعة ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار