كمين المساعدات . . مصر . . بين . . إسرائيل . . وإيران !

كمين المساعدات . . مصر . . بين . . إسرائيل . . وإيران !

٢٥ / ١٠ / ٢٠٢٣

فارس الطالب ✍️

بداية . . إن ما قامت به المقاومة فى غزة عن طريق تنفيذ عملية ( طوفان الأقصى ) أعاد إحياء القضية الفلسطينية وضرب مسار ألتطبيع وأعاد المنطقة كلها إلى لغة المقاومة التى كادت أن تختفى من قاموسها السياسى . ولكن هذه العودة فجرت عدة قضايا على المستوى الإستراتيجى للمقاومة . .
منها / لقد حققت المقاومة أهداف العملية فى أول 24 ساعة ولكنها تعمل بدون غطاء يمكنها من الأستمرار لوقت طويل . وبالرغم من صمود المقاومة إلى الآن وإستطاعتها ضرب العمق الإسرائيلى يوميا . فإن ذلك يأتى على حساب هدم نصف غزة وتشريد سكانها .
وأيضا / لقد راهنت المقاومة على فكرة وحدة الساحات بمعنى أن جميعها قد تنفجر فى وجه إسرائيل فى وقت واحد ولكن أثبتت التجربة العملية أن قرار توحيد الساحات لا يصدر من غزة وإنما يصدر من طهران . ويبدو أن إيران لم تر أن الوقت قد حان بالرغم من 4385 شهيدا و 13561 مصابا والحصار التام لأهل غزة ..
وأيضا / إن المقاومة لا تملك إستراتيجية لتوصيل المساعدات لأهل غزة لاسيما بعدما فقدت أنفاقها التى كانت واصلة إلى الجانب المصرى بسبب العمليات الإرهابية التى جرت فى مصر منذ سقوط الإخوان عام 2013 . .

الجميع يحذر من أتساع رقعة الحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين وتحولها إلى حرب إقليمية . وتأتى هذه التخوفات على خلفية إعلان إيران على لسان وزير خارجيتها استعدادها التام للتصعيد المباشر والدخول فى الحرب الدائرة . ولكن بالرغم من ذلك لم تتسع دائرة الحرب بعد ثلاثة أسابيع من بداية ( طوفان الأقصى ) وما يجرى من مناوشات فى جنوب لبنان يتوقف عند مستوى الأستهداف المحدود بين حزب الله وبين جيش الأحتلال الإسرائيلى دون أن يحدث التصعيد المتوقع . مما يعنى أن حسابات إيران لم تصل بعد إلى نقطة الغليان . وفى هذه الأثناء تتحول ضغوط الحرب ونتائجها من الضغط على إسرائيل إلى الضغط على ( مصر ) ولذلك نتساءل ؟

هل ثمة كمين تجر إليه مصر ؟؟

لو أبتعدنا عن تفاصيل الصراع المنفجر وأخذنا خطوة إلى الوراء فى محاولة إدراك أبعاد المشهد فسنجد أن هناك سمة غالبة على كل أطراف المواجهة هذه المرة وهى ( الصبغة الدينية الأيديولوجية ) .
فإيران هى الدولة الشيعية الوحيدة فى العالم وتتفاخر بذلك وتعمل منذ عقود على تصدير ثورتها إلى الخارج . ولقد نجحت فى بناء قوة إقليمية موالية لها فى العراق/ وسوريا / ولبنان / واليمن . .

والمفارقة . . أنها أعتمدت على أقليات شيعية فى كل هذه الدول ولكنها فى حالة فلسطين لم تستطع فعل ذلك . بل أعتمدت على مقاومة إسلامية ( سنية ) ووجدت ضالتها فى الجهاد وحماس . والأخيرة مرتبطة بمشروع الإخوان فى المنطقة والذى كلفها الكثير وأفقدها الكثير .

أما إسرائيل . . فهى الدولة اليهودية الوحيدة فى العالم وتتفاخر بذلك . ويؤكد ساستها على يهودية الدولة فى كل مناسبة ووضعوا أعتراف فلسطين بيهودية الدولة الإسرائيلية كشرط من شروط السلام بين الطرفين . وعلى نفس المنوال جاءت تصريحات الرئيس الأمريكى عشية زيارته لإسرائيل يوم 18 أكتوبر حيث قال ( لو لم تكن هناك إسرائيل فى الوجود لعملنا على إقامتها ) معتبرا أن أمن اليهود عبر العالم مرتبط بسلامة إسرائيل . أرتباطا بهذا السياق الدينى نستطيع أن نرى أن الأطراف الفاعلة فى الحرب الدائرة الأن كلها تعمل طبقا لأبعاد ( عقائدية ) بينما المنطقة العربية بالكامل لا يوجد فيها مشروع ( عقائدى ) وإنما مشروع تحديث الدولة الوطنية .
وفى كل مرة تتجدد فيها المواجهة بين إسرائيل والمقاومة تجد الدولة الوطنية نفسها فى مأزق وتدفع جزءا من ثمن المواجهة . . هذا جانب . .

والجانب الأخر . .
المبادرات العربية على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وطرحنا وجود قوات أممية أو عربية تضمن أمن واستقرار كل من الشعب والمواطن الإسرائيلى والفلسطينى . لكن هذا لم يحدث . إن فكرة نزوح أو تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى مصر يعنى أن أمرا مماثلا سوف يحدث بتهجير الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن وبالتالى ( تصفية القضية )حيث تصبح فكرة الدولة الفلسطينية غير قابلة للتنفيذ . ( الأرض موجودة لكن الشعب غير موجود ) .

الفكرة أن نقل المواطنين الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء عبارة عن نقل فكرة المقاومة والقتال من قطاع غزة إلى سيناء . وتصبح سيناء قاعدة للعمليات ضد إسرائيل وفى هذه الحالة من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وأمنها القومى وفى إطار رد فعلها توجه ضرباتها للأراضى المصرية ولا يجب أن يتم تبديد أستثمار مصر ألكبير فى السلام بفكرة غير قابلة للتنفيذ .

يبقى أمرا مهما إذا كانت هناك فكرة للتهجير . . توجد صحراء ( النقب ) فى إسرائيل حتى تنتهى الازمة ..

إذا كانت مصر حسمت الموقف تماما على المدى القصير . . فإليك ( الكمين ) على المدى الأبعد الذى ظهر من وراء حصار غزة . .

إن إسرائيل كقوة محتلة عليها تأمين وصول الأحتياجات الأساسية للسكان . لكن طالما أستمرت العملية ألعسكرية الإسرائيلية فإن الحصار سيستمر وتتحول المساعدات التى تتبرع بها مصر لأهلنا فى غزة إلى عملية فك الارتباط بين غزة والاحتلال وربطها عمليا ب ( الحكومة المصرية ) وهو الأمر الذى كان سائدا حتى عام 1967 .
وبذلك تحقق إسرائيل عمليا ما لم تستطع تحقيقه عبر الأتفاق . وإذا كانت مصر الآن حاسمة فى منع تحويل قضية فلسطين إلى سراب فإن الطرف الأخر الذى ينطلق من معتقده ( الدينى ) ولم يتنازل عنه على مدى قرون سيستمر فى مناوراته أملا فى تحقيق مراده . الشاهد // أنه من جانب . . على مصر الأستعداد بسيناريوهات للتعامل مع الوضع فى غزة لفترة زمنية طويلة . ويبدو أن هذا السيناريو مريح بالنسبة ( لإسرائيل وحتى لإيران ) والتى تدعم المقاومة دون أن تشمل خططها دعم أهل غزة. ومن جانب آخر / لابد من مراجعة المشروع السياسى الذى يحرك المنطقة بعدما تبخرت ( القومية العربية ) .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار