من داخل بعض الشركات..صحوة ضمير لمؤازرة الشعب الفلسطيني

من داخل بعض الشركات..صحوة ضمير لمؤازرة الشعب الفلسطيني

احمد عباس

مع بداية معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي تأرجحت المواقف وتباينت الرؤى بين المدافع عن الحق الفلسطيني المناهض لاساليب العدوان الصهيوني في المناطق العربية وبين المؤيد لحملات القتل التي يمارسها جيش الاحتلال واتضحت فيها طبيعة الاطراف المتناقضة في تلك القضية وسقطت الاقنعة التي تخفي خلفها وجوه ما برحت تجسد ارادة الشرعلى ملامحها واضعة امكانياتها لخدمة الصهاينة في حملاتها المحمومة لؤأد شعب باكمله وابادة جماعية ممنهجة.
ورغم وقوف مؤسسات تجارية عدة في الصفوف المؤيدة للكيان المحتل لكنها افرزت ايضا مواقف مغايرة لشخصيات عاملة فيها صحت ضمائرها وتحدثت بلغة المنطق وخطاب الحق الانساني واظهرت مواقفا مناهضة للعدوان وفضحت صور الجرائم والتبجحات الواهمة ومن تلك الشخصيات مسؤولة تسويق شركة كوكل(ارييل كورين)التي قدمت استقالتها استنكارا من المأزق التي وضعت ادارة الشركة نفسها فيه بمهادنة الصهاينة وتأييدها لهم من دون وجه حق,متهمة ادارة شركتها بإسكات الأصوات المدافعة عن الفلسطينيين واصفة اياها بمارسة سياسات قمعية وتمييزية ضد موظفيها الذين يقفون بشكل موضوعي مؤيد للقضية الفلسطينية لاسيما بعد تعاقدها مع الصهاينة بمشروع نيمبوس المبرم عام(2021)بقيمة مليار دولار لتزويدهم ببرامج مراقبة وذكاء اصطناعي غاية في التطور.
وفي حديث نشرته مسؤولة التسويق مؤخرا قالت (ساغادر كوكل بسبب سياسة الانتقام ونظرة العداء ضد الموظفين الذين يعبرون عن ارائهم بشأن القضايا الانسانية التي تهمهم ومنها قضية فلسطين والظلم الذي تتعرض له), ولم يقتصر حديث كورين على تلك التفصيلات بل فضحت الاساليب المشبوهة التي تمارسها ادارة شركتها ضد زملائها الفلسطينيين أو اولئك الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني الذين يتلقون باستمرار تحذيرات من قسم الموارد البشرية في الشركة فضلا عن تخفيض رواتبهم والتقييم السلبي في ادائهم الوظيفي,كما عبرت موظفة فلسطينية أخرى عن استيائها من المشروع قائلة(كان العمل في كوكل حلمي حتى علمت بمشروع نيمبوس فأشعر أنني أكسب قوت يومي من اضطهاد عائلتي في الوطن).
المواقف التي اتخذتها كورين في شركتها احدث تفاعلا اجتماعيا منقطع النظير فتعاطف معها جمهور واسع افضح سياسات القمع ضد الموظفين المناهضين للاحتلال الغاشم لارض فلسطين ومعارضتهم لسياساته واشادوا بالشجاعة التي تتحلى بها الموظفة التي تمثلت بادىء الامر بتقديم استقالتها من وظيفتها لاحتجاجها على ممارسات ادارة شركتها.
لم تقتصر ساحة الرفض لممارسات الصهاينة العدوانية ضد الابرياء من ابناء غزة وغيرها من مدن فلسطين على موقف مسؤولة تسويق شركة كوكل فحسب بل نشرالعشرات من موظفي الشركة رسائل من دون الكشف عن هوياتهم اختاروا الحديث من خلالها عما يتعرضون له من تهديدات بسبب مواقفهم المؤيدة للشعب الفلسطيني وفضحهم تحيز مؤسسي كوكل الذين يبررون عقد مشروع نيمبوس ووصفوا تلك الممارسات بـ(أزمة ضمير) تعاني منها الشركة,كما اعربوا خلال تلك الاصوات عن استحالة التعبير عن اي رأي انساني يجسد مناهضة حرب ابادة الفلسطينيين داعين الى اجتماع خاص لقسم الموارد البشرية لتثبيت موقف حضاري رافض لجرائم قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل الابرياء من اطفال ونساء غزة وابادة عوائل امنة في منازلها من دون جريرة تبررها.
دائرة المواقف الانسانية اتسعت مدياتها وارتفع افقها وشملت اجزاء متعددة في دول غربية ترتبط مع شركات مساندة للاحتلال فقد كتبت الحقوقية الايطالية فرانشيسكا البانيز المعروفة عل مستوى التواصل الاجتماعي قائلة(انا منزعجة من الاخطارات وشكاوى اتلقاها بشأن الحملات الضالة لاسكات النضال من اجل العدالة )واستنكرت اجرءات ادارات بعض الشركات المتعاونة مع الاحتلال عبر وسائل اضطهاد تمارسها ضد موظفيها الاحرار.
كما شهدت شركة(اتش بي) المؤيدة للعدوان حملة مقاطعة دولية كبرى بسبب موقفها وتم سحب تنفيذ عدة كنائس استثمرتها الشركة في امريكا وحظر شراء منتجاتها وحظيت الحملة بنمط شعبي جديد تمثل بدعم المجالس البلدية لها ومؤازرة نقابات عمالية ومنظمات طلابية في كافة انحاء العالم.
وهنا تقفز الى اهمية الذكر ضرورة التمعن في المواقف الايجابية للجماعات والافراد المؤيدة لقضية فلسطين وتثبيت مواقفها الانسانية، لتحفز المجتمع العربي لادامة زخم الحراك ضد العدوان واظهار المزيد من الدعم لاشقائنا في محنتهم وعدم الركون في موقع المتفرج او المحايد فالقضية قضيتنا نحن العرب قبل غيرنا، كما ينبغي علينا تسجيل الثناء والاشادة بالشركات العالمية التي لم تمد يد العون لدولة الشر، وهو الموقف الذي ينبغي ان يدفعنا الى البحث عن شركات بديلة رافضة للعدوان بهدف التعاون معها واحلالها محل الشركات التي دعمت الصهاينة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار