لماذا قانون الاحوال الشخصية الشيعي بالذات. ؟؟!

لماذا قانون الاحوال الشخصية الشيعي بالذات. ؟؟!

د. محمد ابو النواعير.

منذ سنين طويلة وانا اتابع عن كثب، آليات التغيير الاجتماعي التي تحصل في المجتمع الشيعي عموما، والشيعي المتدين خصوصا.

واحاول دوما ان اميز وافرز بين آليات التغيير الاجتماعي الطبيعية التي هي من السنن الالهية التي خلقها الله في طبيعة الجسد الاجتماعي، وبين آليات التغيير الاجتماعي القصدية، والمخطط لها.

وجدت ان النمط الاول يسير بتأثير ضئيل يكاد لا يذكر، وان النمط الثاني قد تحول الى ساحة معركة كبيرة، في كثير من ابعادها هي معركة عالمية، لا تخص العراق او شيعة العراق فقط، وإن كان العراق وشيعته (بل وسنته ومسيحييه وكل طوائفه)، قد تركزت عليهم اسلحة هذا التغيير المقصود.

اليوم، بات اغلب الناس يدركون جيدا ان التوجهات التي تطلق على نفسها مسميات (علمانية، مدنية، ليبرالية، ديمقراطية ،،، الخ) ، هي توجهات قائمة اساسا في جوهرها وظاهرها على معادات الفكر الديني، ومحاربة انماط الاخلاق والشرف والعفة في المجتمعات.
هل في ذلك مشكلة.؟

نعم، هناك مشكلة كبيرة، لان الفكر الديني، وبالاخص في مجتمعاتنا المسلمة، لا يقوم فقط على مجرد الحالة الروحية التعبدية، بل هو يمتد بشبكة جذرية (جوانية) عميقة ومتشابكة، من العادات والاعراف والقيم والأخلاقيات التي يتكون منها الفعل الاجتماعي لمجمل الظاهرة الاجتماعية، ويتكون منها السلوك الاجتماعي للافراد.

إذن، الحديث هنا عن حرب ضد الدين، ومسانده الاجتماعية الاخلاقية المغروزة بعمق في بنية المجتمع، والتي لولاها، لفقد الدين كل اسسه الاجتماعية المؤثرة، ولاصبح مجرد عنوان خاوي.
المعركة اليوم تحولت مع من من وضد من.؟

تحولت معركة اعداء الدين اليوم، الى معركة ضد البنى الاجتماعية المكونة للمجتمع، والتي يستند الدين والفكر الديني عليها، واساس هذه البنى الاجتماعية هي الاسرة، خاصة واننا اذا حاولنا تفكيك الخطاب التربوي الذي يتبنى دور التنشئة الاجتماعية وصناعة المجتمع في الاسرة لدينا، سنجد ان لبنات هذا الخطاب الذي تستند اليه الاسر قائم على خلطة قوية وصلبة مكونة من المكونين المذكورين اعلاه : الدين + العرف الاجتماعي، من خلال تمثلاتها بكلمتي: حرام، عيب.

النتيجة، ولكي يحققون مبتغاهم في تحطيم قيادة الدين للاخلاق والعرف القيمي الاجتماعي، يجب عليهم تفكيك اواصر اللبنات الاساسية المكونة لهذا الاتحاد، (اتحاد الدين+ الاخلاق الاجتماعية+ الاسرة).

وبما ان الاخلاق الاجتماعية تقوم على الاسرة ودورها في تنشئة الفرد ومساعدته على الانخراط في المجتمع، اذن، اتجهت منهجية الصراع ضد الدين والعرف الاخلاقي، من قبل القوى المعادية، الى تفكيك وحدة الاسرة، وتشتيت فواعل القوة والتربية فيها، وتسفيه وتضعيف مراكز الحزم والقوة والادارة العليا فيها.

قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي يراد ادراجه، سيعمد الى الحفاظ على هذه الاسرة من الانحلال والتفكك، وسيقود الى الحفاظ على انماط الاخلاق والشرف والتدين في مجتمعنا، وسيقف كمصد ضد مناهج زرع التحلل والتفسخ الاخلاقي والشرفي، الذي يريده اتباع المسميات اعلاه، من خلال اعادة البوصلة في قيادة الاسرة الى الاب الذي جعله الله قواما على اسرته واولاده، ولتستقر عمليات تكوين الأسرة، دون تدخل قوانين غربية لا اخلاقية غريبة، ساعدت وتساعد على تهديم كيان الاسرة في مجتمعنا.

كل ذلك، يفسر لنا جنونهم وتهسترهم من قانون الاحوال الشخصية، الذي سيحطم مشروع، انفقوا عليه عقود من الزمن، ومليارات من الاموال، من اجل تثبيته وترصينه، خاصة بعد ان رأينا هستريا الرفض ومحاولة التدخل السافر من سفارات وابناء سفارت، وآخرها، تدخل الملحق العدلي للسفارة الامريكية في العراق. !!

وهنا، سيكون معيار نجاح احد المشروعين المتصارعين، هو موقف ابناء المجتمع مع احدى الجهتين:

و (الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)

د. محمد ابو النواعير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار