عن قصفِ أَربيل

عن قصفِ أَربيل

نــــــــــــــزار حيدر 

١/ القصفُ الإِيراني الذي طال أَربيل اليَوم هو عدوانٌ سافِرٌ وتجاوزٌ على سيادةِ العِراق بكُلِّ المعايير، لا يختلف بشيءٍ عن القصفِ الأَميركي ونظيرهِ التُّركي! وهوَ يضع أَكثر من علامةِ إِستفهامٍ على طبيعةِ العلاقةِ [الإِستراتيجيَّة] بينَ البلدَينِ مهما ساقت طهران من تبريراتٍ إِنشائيَّةٍ لا قيمةَ لها كَونها لا تعتمِد على أَدلَّة وإِثباتات، خاصَّةً وأَنَّ ذاكِرتنا تحتفِظ بتجربةِ القصفِ الإِيراني المُماثل قبلَ عامَينِ والذي ادَّعت طهران حينها بأَنَّها استهدفت أَوكاراً تجسُّسيَّةً ليتبيَّن فيما بعدُ وبنصِّ تقريرِ اللَّجنة النيابيَّة الخاصَّة التي شكَّلها وقتها مجلس النوَّاب بأَنَّ الهدف هو منزلٌ شخصيٌّ لمواطنٍ كُرديٍّ لا علاقةَ لهُ بأَيِّ طرفٍ!.
نفس الفيلم يتكرَّر اليَوم عندما تدَّعي طهران بأَنَّ الهدف أَوكار تجسُّس على أَمنِها القَومي ليتبيَّن على لسانِ رئيس اللَّجنة التحقيقيَّة التي شكَّلها السُّوداني مُستشار الأَمن القَومي قاسم الأَعرجي بأَنَّ الهدف هو مَنزلٌ شخصيٌّ وأَنَّ ضحايا القصف الوحشي هو وأُسرتهِ وفيهِم طفلتهِ [جينة] التي لم يتجاوز عُمرها العام الواحد.
التَّقرير الذي اعتمدهُ القائِد العام ليصِفَ القصف الإِيراني بأَنَّهُ [عملٌ عدوانيُّ ضدَّ العراق وانتِكاسةٌ للعلاقةِ التَّاريخيَّةِ معَ إِيران].
٢/ نحنُ اليَوم لا نتحدَّث عن السِّيادة التي أَصبحت مُلغاةً وبحُكمِ الماضي، لا معنى لها في ظلِّ دَولة الكانتونات والميليشيات وحكومة المُحاصصة المَقيتة وفي ظلِّ برلمانٍ يشبه إِلى حدٍّ بعيدٍ [عَلوة مخضَّر] تبيع وتشتري فيهِ القُوى السياسيَّة الخُضار العفِن والتَّالف والفاكِهة المعطُوبة فاقدة الصلاحيَّة، ويتصرَّف فيهِ رُؤَساء الكُتل النيابيِّة معَ نوَّابهِم كراعٍ يهشُّ على غنمهِ في حضيرةِ الحيواناتِ، وإِنَّما نتحدَّث الآن عن الشَّرف الذي تنتهكهُ واشنطن تارةً وطهران وأَنقرة تارةً أُخرى، نتحدَّث عن شرفِ الوطن والدَّولة المُنتهك والمُستباح، وهو شيءٌ خطيرٌ جدّاً للأَسف فإِنَّ الدَّولة بكُلِّ مؤَسَّساتِها عاجِزةٌ عن حمايتهِ والدِّفاعِ عنهُ.
٣/ الحقيقةُ المُرَّة التي تُثبتها مثلَ هذهِ التَّجاوزات الصَّارخة على سيادةِ العراق وشرفهِ هو أَنَّ طهران تريدُ أَن تُثبت [رجولتها] في العراق الذي باتَ يعتبرهُ كثيرُون [مكفخةً] تتعرَّض للصَّفع كُلَّما تضرَّر أَحدهِم بشكلٍ من الأَشكالِ!.
طهران تعرف جيِّداً أَنَّ وراء الأَعمال الإِرهابيَّة التي تعرَّضت لها مُؤَخَّراً يقف [تنظيم داعش] الإِرهابي فرِع أَفغانستان، فلماذا تقصف في أَربيل وتتجنَّب كابول؟!.
وهي تعرف جيِّداً أَنَّ ما تعرَّض لهُ عددٌ من قادتِها في سوريا ولبنان من تصفياتٍ جسديَّةٍ وما تعرَّضت لهُ من إِختراقات تجسُّسيَّة في أَكثر مفاصل الدَّولة حساسيَّة يقف وراءَها الكيان الصُّهيوني فلماذا تقصف في أَربيل وتتجنَّب تل أَبيب؟!.
كما أَنَّها ترى نفسَها عاجِزة عن حمايةِ مياه [خليج فارس] الذي تعتبرهُ جُزءاً إِستراتيجيّاً من أَمنها القَومي وهو ملغُومٌ بكُلِّ هذا العددِ الكبير من حامِلات الطَّائرات والغوَّاصات الأَجنبيَّة [المُحتلَّة]! حتَّى باتَت مُحاصرة!.
لعلَّها تعتقد أَنَّ طريقَ تحرير القُدس الذي مازالت تستعدَّ لهُ منذُ [٤٥] عاماً يمرُّ عِبر أَربيل مثلاً! وها هي غزَّة مازالت تتعرَّض لأَبشعِ أَنواعِ التَّدمير المُستمرِّ من دونِ أَن ترمي حجراً على [إِسرائيل] من أَراضيها!.
فهل تريدُ طهران أَن تحفظَ ماءَ وجهِها في كُلِّ هذهِ المعمعةِ فلم تجد أَمامها إِلَّا أَربيل هدفاً تُوجِّه لهُ صواريخها؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار