عن تواجد التَّحالف الدَّولي

 عن تواجد التَّحالف الدَّولي

نـــــــــــــــــــزار حيدر

السُّوداني [يلطُم] مع الفَصائل و [يرقُص] مع الأَميركان!
١/ الذي يُراقب تصريحات القائد العام للقوَّات المُسلَّحة فيما يخصُّ ملف [التَّحالُف الدَّولي] يلحظ فيها الفَوضى على مُستويَينِ؛
الأَوَّل؛ هو التَّوصيف الذي يُطلِقهُ بشأنِ الفصائِل المُسلَّحة، فتارةً يصفها بأَنَّها [عِصابات خارجة عن القانُونِ] وينعت أَفعالها بأَنَّها [أَعمال إِرهابيَّة] ثمَّ يأمُر بتعقُّبِها واعتقالِها وتقديمِها للعدالةِ لأَنَّها تُعرِّض المصالح الوطنيَّة العُليا للخطرِ على حدِّ وصفهِ، وتارةً يقولُ أَنَّها جزءٌ من المنظومةِ العسكريَّةِ الرسميَّةِ في البلاد! وهذا يعني اعترافاً ضمنيّاً بفشلهِ في حمايةِ القوَّات المُسلَّحة التي هوَ قائِدها العام!.
الثَّاني؛ هو حديثهِ عن وجودِ قوَّات التَّحالف الدَّولي [القوَّات الأَميركيَّة تحديداً] وما الذي يريدُ فعلهُ على وجهِ التَّحديد في المُستوى المنظور.
وهو بهذا الصَّدد لم يتحدَّث للآن عن قرارٍ [عراقيٍّ] لإِخراجها وإِنَّما كُلَّ تصريحاتهِ ذكرت عبارتَي [رغبة] و [مساعي] من نوعٍ ما لإِنهائهِ، وفي السِّياسة فإِنَّ [المعنيِّينَ] يعرفونَ الفرق الشَّاسع بين المُصطلحَينِ!.
والسَّبب واضحٌ لأَنَّ هناكَ انقساماً عميقاً في موقفِ القُوى السياسيَّة من هذا الملفِّ الذي يحتاج إِلى قرارٍ سياسيٍّ أَوَّلاً وقبلَ أَيِّ شيءٍ آخر.
٢/ كذلكَ فمِن خلالِ المُتابعة الدَّقيقة لتصريحاتِ السُّوداني بهذا الصَّدد نلحظ أَنَّ هُناكَ خِطابَينِ، واحدٌ علنيُّ هوَ للإِنحناءِ أَمامَ العاصِفة بعدَ كُلِّ تصعيدٍ يجري بين الفصائِل والأَميركان، فهوَ للإِستهلاكِ المحلِّي ولتطييبِ الخَواطرِ! وآخر سرِّي تحت الطَّاولة يختلف جذريَّاً عمَّا يسمعهُ العراقيُّونَ منهُ في الإِعلامِ، وهذا ما كشف عنهُ أَمس موقِع [Politico] في تقريرٍ مُفصَّلٍ نشرهُ في موقعهِ الرَّسمي.
كما أَنَّ تصريحات السُّوداني المُبطَّنة اليَوم لوكالةِ أَنباء [رويترز] والتي حاولَ فيها إِمساك العصا من الوسَط لإِرضاءِ كُلِّ الأَطراف المعنيَّة بهذا الملف، يُعَدُّ آخِر دليلٍ على أَنَّ للسُّوداني نوعَينِ من الخطابِ يلزم أَن نُفرِّق بينهُما ونحنُ نُتابع تطوُّرات هذا الملفِّ الحسَّاسِ والخطير.
٣/ وبرأيي فإِنَّ الحقَّ معهُ عندما يعمَد إِلى اعتمادِ خطابَينِ، فهوَ بينَ نارَينِ وهو يمشي في حقلِ الأَلغامِ، فهوَ من جهةٍ مطلوبٌ منهُ أَن يلتزمَ بنصِّ البروتوكُول [السرِّي] الذي وقَّعهُ المالكي في [٢٠١٤/٦/٢٢] مَعَ واشنطُن والذي أَعاد بموجبهِ قوَّات التَّحالف الدَّولي إِلى العراق بعد أَن منحهُم الحَصانة والحِماية الكامِلة! ما يعني أَنَّ من واجبهِ حماية مُؤَسَّسات التَّحالف الموجُودة في العِراق منذُ ذلكَ التَّاريخ وبطلبٍ من الحكُومةِ العراقيَّة والتي وصفها عدَّة مرَّات بـ [الصَّديقة] وهو من جانبٍ مضغُوطٌ بالقرارِ النِّيابي الصَّادر عن مجلس النوَّاب في [٢٠٢٠/١/٥] والذي طلبَ من الحكُومة إِنهاء التَّفويض أَعلاهُ وإِخراج القوَّات الأَجنبيَّة، وهو من جانبٍ ثالثٍ مضغوطٌ بالمَوقفِ الإِيراني [الدِّعائي] الذي يُترجمهُ وكلائها [الفصائل] في العِراق والذي يدعُو إِلى إِخراج القوَّات الأَجنبيَّة.
وأَصفهُ بـ [الدِّعائي] لأَنَّهُ لو كانت طهران جادَّةً لأَخرجت القوَّات الأَجنبيَّة المُنتشِرة الآن في مياهِ [خليج فارِس] والتي تقاطرَت من كُلِّ حدَبٍ وصَوبٍ في الفترةِ الأَخيرة! فلماذا لا تحرِّر خليجها من الإِحتلالِ؟!.
ولذلكَ أَقولُ بأَنَّ الحقَّ مع السُّوداني عندما يسعى لأَن [يلطُم] مع الفصائل و [يرقُص] مع الأَميركان في آنٍ، وهي مُهمَّة شاقَّة كما نرى!.
٤/ المُلاحظة المُهمَّة التي يلزَم الإِنتباه لها هي أَنَّ السُّوداني لم يُعلن عن تشكيلِ لجنةٍ جديدةٍ للحوارِ مع الأَميركان وإِنَّما قصدَ ذات اللَّجنة التي تشكَّلت قبل [٤] سنواتٍ والتي خاضت [٣] جَولات من الحِوار الإِستراتيجي معَ واشنطُن بهذا الخصُوصِ، جرَت الثّالثة في واشنطُن بقيادةِ رئيس الحكُومة السَّابق السيِّد الكاظمي والتي أَصدرت كُلَّ القُوى السياسيَّة وقتها بياناتٍ وتصريحاتٍ أَيَّدت ودعمَت مُخرجاتِها بلا تحفُّظ.
ولحدِّ هذه اللَّحظة فإِنَّ بغداد لم تخطُر واشنطُن بنيَّتها في إِطلاقِ جولةٍ جديدةٍ من المُباحثات، كما ذكرَ ذلكَ المُتحدِّث باسمِ البنتاغون فإِذا تمَّ ذلكَ فسنكُون بإِزاء أَشهر عدَّيدة لوصُولِ الطَّرفَينِ إِلى توافُقٍ كاملٍ على التَّرتيباتِ الجديدةِ، كما هوَ منصوصٌ عليهِ في البرُوتوكول السرِّي المُشار إِليهِ، ومن ثُمَّ بحاجةٍ إِلى مرورِ عامٍ كاملٍ قبلَ أَن تدخُلَ التَّرتيبات الجديدة حيِّز التَّنفيذ كما ينصُّ على ذلكَ البرُوتوكول أَعلاه.
وللفتِ الأَنظار فإِنَّ ما يُعقِّد التَّوافُق السِّياسي [الوطني] الآن هو غَياب البرلمان على الرَّغمِ من بدءِ فصلهِ التَّشريعي الجديد، وهوَ مُؤَشِّر على عُمقِ الخلافاتِ بين القُوى السِّياسيَّة المشغُولة الآن بمساعي التوصُّل إِلى توافُقاتٍ مع [الغُرباء] لتمريرِ إِسمِ المُرشَّح الجديد لرئاسةِ مجلس النوَّاب، وكذلكَ انشغالِها في ملفِّ تشكيلِ الحكوماتِ المحليَّة التي ستترتَّب على نتائجِ إِنتخاباتِ مجالسِ المُحافظاتِ الأَخيرةِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار