صدق المشاعر .

 

أحمد القيسي

 

في العلاقات الإنسانية ننشد الحب والسلام أبتغاء الصداقة النظيفة ونستقيها في اللقاء الأول ، عندما تأخذنا الصدفة إلى المواعيد الغير متوقعة ، عندما نصادف شخصاً يثير الأعجاب فينا في اللحظة التي لم نخطط فيها كل مايثير هذا الأعجاب في دواخلنا ، حينها نذوب في تفاصيل اللحظة ، ونلعب على وتر الأمساك بالحبل الذي سيُعجل بإيقاظ تلك المشاعر ، والتي تُعلمنا المواقف أن ندفنها حينئذ تتملكنا رغبة قوية في الأقتراب من الغريب ، ونحاول أستكشاف خبايا شخصيته ، وبقدر ما يكون هناك انسجام في ما يدور في الخفاء ، تتعمد الفرصة أن تستولي على نصيبها مما منحتنا إياه ، فلا نتردد في طلب المزيد ، بعد ذلك تجتاحنا مشاعر قوية نحو الغريب الذي قد تدفعة الصدفة لأن يصبح قريب ، لنكون معه ، نشعر به ونرغب في أن نستمتع بالحياة معه . المشاعر في اللغة ( شَعرَ . يَشعر . شعراً . فهو أشعَر وشَعير . شَعرَ فلان كثُر شِعره والمشاعر كلمة أصلها الأسم ( مشاعر ) في صورة جمع تكسير وجذرها ( شعر ) وجذعها مشاعر . الشعور والمشاعر ( بالأنكليزية Emotion ) هي تجربة واعية تتميز بالنشاط العقلي الشديد ، و بدرجة معينة من المتعة أو المعاناة وقد أنجرف الخطاب أنه لايوجد إجماع علمي على تعريف المشاعر ، وغالبا ” ماتتشابك العاطفة مع الحالة النفسية والمزاجية والتوجه والدافعية . والصداقة هي واحدة من أهم العلاقات الإنسانية ، وهي بحر من بحور الحياة العميقة ، بل هي كنز كنوز الدنيا إذا أمتلكناها نكون قد أمتلكنا كل شيء ، فالإنسان يميل بفطرته تكوين الصداقة والأصدقاء بسبب الحاجة الفطرية لوجود صديق له في هذه الحياة ، فنرى الأطفال ببرائتهم وفطرتهم ومنذ اللحظات الأولى من حياتهم بعد تجاوزهم السنين الأولية يبحثون من حولهم عن صديق يحتويهم ويفهمهم ويسليهم ويقاسمهم ألعابهم ونشاطاتهم وأفكارهم وضحكاتهم . فالصداقة هي علاقة بين شخصين أو أكثر تقوم على الحب والمودة والأحترام والتفاهم ، والصديق هو بمثابة الأخ الذي لم تلده أمك بل ولدته لك الظروف والأيام ، وعند الأختيار للصديق علينا البحث عن شخص يكون وفياً وسنداً وعوناً وناصحاً لنا لايبتعد عن وصلنا ولاينشغل عنا عند الحاجة إليه ، وقد قالوا قديماً أختر الصديق قبل الطريق ، مما يدل على الأهمية الكبرى للصديق والصداقة منذ القدم . فالمشاعر الصادقة هي من أسمى الأشياء داخل الإنسان ، وقد ينجح بعض الأشخاص في التعبير عن هذه المشاعر بالكلمات والبعض الآخر ليس له القدرة على ذلك في أختيار صورة التعبير في الكلام والكلمات المناسبة لوصف مشاعره وتقريب صورة تعامله مع المقابل ليفهمهُ عن صدق العلاقة والمشاعر إتجاهه . وأحيانا البعض يظهر مشاعره بصورة أفعال تلقائية تصدر منه دون أن يشعر نابعة من مشاعره الخالصة وصدقها إتجاه الطرف الآخر . هناك الكثير من الفترات التي تجعلنا نشعر بأحاسيس مختلفة ومشاعر متنقلة مابين الحب والرومانسية ، حيث أن الإنسان يمتلك بطبيعته العديد من المشاعر النابعة من إنسانيته ، كما أن الإنسان الذي ليس له مشاعر واحاسيس فبالتأكيد هو فاقد الأهلية وفاقداً لمشاعر إنسانيته ، وتستطيع أن تقول الكثير من الأمور المختلفة التي تؤثر بشكل أو آخر وبشكل راقي على ملامح وروح الإنسان بصفة عامة ، وهناك العديد من العبارات عن الخيال والحب بأرقى وأجمل الكلمات الراقية . فهناك من الأشخاص من هو نظيف الداخل والقلب بفطرته وهناك من يساورهم الشيطان في التعامل بأظهار وتصنع في الصورة الجميلة ابتغاء حاجته ومصلحته ! فكلٍ يسري حسب طينته وبرائة داخله ، ففي بداية كل علاقة تظهر المشاعر ، وفي نهايتها تظهر الأخلاق إن أداب السلوك هي من التعبير عن أحترامنا لمشاعر لآخرين ويمكن أن نألف كل المشاعر ، الكراهية ماعدا الملل ، لم أألف من يمل الحديث عن الملل ، فالفظيلة هي ميزان الأخلاق وأفضلها وأن الحديث مع من نحب ماهو سوى إلا راحة نفسية رائعة نجد أنفسنا تحت ضلالها ففي الحديث هناك صدق ففي الحب والتعامل مع الغير لانحتاج إلى المزيد من الكلمات يكفي أن نظهر داخلنا النظيف وصدق نياتنا والمشاعر تأتي من خلال ُطهر القلوب وهذا ما نراهُ جلياً في الحديث مع من نُحب فحينها نعلم أننا نوده كثيرا ونعشقه سواء كانت علاقة حب أم صديق مع أختلاف الصورة بمن يقابلنا .. لكن أيضاً علينا أن ننتبه ونميز من هو الذي يقابلنا ونتعامل معه ، ففي ظل هذه المشاعر التي لا نتيقن منها أحياناً ، يجب أن نكون حذرين حتى لانتوهم مشاعر كاذبة تلك التي لاتليق بما نحاول أن نكون رغم أنف الحياة ، وأن المشاعر الكاذبة لن ترحمنا عندما ننميها من حيث لا ندري وعندما نشعر الطرف الآخر الذي لايملك بدوره إلا السباحة مع تيار العواطف ، هذا الغريب القريب يمكن أن تتملكه نفس المشاعر ، وقد تكون أقوى مما نشعر ، ولذلك ينبغي أن لانمارس كذبتنا وشرنا خصوصا في العلاقات الإنسانية ، فإذا لم ندرك حقيقية وقوة ما نستشعره تجاه الآخر ، يستحسن أن نتريث قبل أن نقرر الخوض معه ، حتى لانخسره ونخسر معه كل مايجعل قلوبنا أجمل ، إذ من الجميل أن نحسن التفكير والظن والتأكد عما بداخلنا حينها يمكننا أن نقدمه على طبق من بلور لمن نحب أو أن يكون قريب منا بمنزلة الصداقة الصادقة وأن ندع الفرصة أن تأخذ قرارها من الوقت وهذا هو الأجمل والأدق .
لاتدعوا الحياة أن تكون غريبة عيشوها بالتي هي فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليُ حميم لنعيش كل لحظة وكل أمنية وكل ماهو جميل ولا نعيش الأمور في صورة مبطنة تظهر الأشياء فيها إلا في الأوقات العصيبة مثلما نجعل لحظة الحب الحقيقة التي لانظهرها إلا في حالات الوداع في المطار ، والندم الحقيقي نجده في المقابر ، والدموع الحقيقية نجدها في الجنازة ، والدعاء من أعماق القلب نجده في المشفى ، لأننا لانعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات لا لا .. أن تقدم وردة في وقتها المناسب .. خير من أن تأتي بنجمة من السماء بعد فوات الأوان ، أن نقول كلمة جميلة في الوقت المناسب خير من نكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر ، لاتؤجلوا الأشياء الجميلة فقد لا يأتي أوانها مرة أخرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار