راتبكم ..رزقكم من ربكم..

راتبكم ..رزقكم من ربكم..

ا.د.ضياء واجد المهندس

استلمت (طيبة ) الفتاة القادمة من الناصرية في تسعينات القرن الماضي عملها في مكتب عائد لنا لبيع و شراء الاجهزة المكتبية ، وقد فرضت عليها مديرة المكتب الفتاة الصارمة ( اسيا )، ان تعمل لثلاثة اشهر حتى تضمن استمرارها، وستدفع لها اجورها حينها في حال الموافقة عليها او تسريحها ولم اكن اعلم بذلك..بعد ثلاثة اشهر ، قالت اسيا لطيبة : اليوم علينا ان ندفع لك ، لقد عملت شهرين ، قاطعتها طيبة : بل ثلاثة اشهر .
قالت اسيا: في السجل عندي شهرين يعني راتبك 60 الف دينار ، اقطع 8 الاف عن عدم دوامك في ايام الجمع ، و 4 الاف عن ايام تاخرك فتح المكتب بموعده ، و 15 الف اجور الاكل و الشاي ، قاطعتها طيبة : لكني لم اتاخر سوى ربع ساعة ، وانت من قال لي ان الاكل و الشاي على حساب المكتب .
قالت اسيا : نعم 250 دينار ، عليك دفعها عن كل يوم..
ثم انك اتلفت اوراق واحبار اثناء تعلمك الاستنساخ و ساقطع 10 اﻻف دينار عن ذلك .
ثم ساقطع 8 اﻻف عن اموال دفعناها لجامعي القمامة خلال الشهرين كان عليك ان ترميها في الحاوية الكبيرة . وساحتفظ ب 10 الاف دينار كتأمينات لحين
حضور صاحب المكتب ، فيبقى لك 5 اﻻف ..قالت طيبة : صرفت اجور نقل اكثر من 5 اﻻف دينار، و كنت اعمل من الصباح حتى المغرب ، و عائلتي بحاجة لراتبي !
قالت اسيا بلا مبالاة : بامكانك ان تبطلي يعني ( تستقيلي) ..
رمت طيبة بجسدها على الكرسي و هي تبكي ..
جائتها اسيا و قالت لها : لماذا لم تعترضي؟ قالت طيبة : عندما عملت في مكتب بيع الزينة ، كان صاحب المحل يتحرش بي و تركته دون ان يعطيني اجور عملي لشهر ..
قالت اسيا : حقك 90 الف دينار ، و اﻻستاذ قال لي اعطيها 100 الف لانها امينة و مجدة ، ولكن يا طيبة عليك ان تقاتلي على راتبك لانه رزق ربك ، وتهاونك به يعني علامة لكفرك ..
عندما قابلت اسيا و روت لي ما فعلته مع طيبة من وحي قصة للروائي (تشيخوف)، وبختها و قلت لها : إن ارزاق الناس ليست موضوع للتجربة و التلاعب باعصاب الناس ..
تذكرت هذه الحادثة الذي مر عليها ربع قرن وانا اتابع منح رواتب الموظفين الذي يعتبره فاشلو (سياسيو) العراق انجازا و ليس حقا للموظفين في دولة الموظفين .
بالرغم من اننا رسمنا خارطة طريق ﻵلية عمل توفر رواتب هؤلاء الموظفين اﻻ ان الحكومة لم تأخذ بها وصار يبحث في استطالة فترة صرف الرواتب ..
يقين لديّ…. اياكم و التهاون في عدم المتابعة و اﻻلحاح في صرف رواتبكم و اﻻ سيسرقوها كما سرقوا و ﻻزالوا يسرقون رواتبنا .
اللهم انت العفو فاعفو عنا وارزقنا من رزقك يارزاق..
و نجنا من ظلم حكامنا السراق ..
و احفظ شعبنا و العراق..
ا.د.ضياء واجد المهندس مجلس الخبراء العراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار