حكم فرهود أرعن في العراق

حكم فرهود أرعن في العراق

بقلم : الآء الصوفي

حيثما يكون الفرهود، يكون الخوف والسلب والنهب والوجع يكون اشد إيلاما من العيش في دوامه، يصبح عزيز قومٍ ذل، ينقطع التنفس، ويزداد طمس الهوية الوطنية، وتهان المشاعر والاخلاق والقوانين، وتنتحب القيم البشرية، وتموت روح الإنسانية ؛ ويولد جيل متوحش يسعى للقتل واليأس، وتتكاثر النفس التدميرية للذات البشرية

عادة ما ينتشر في بلاد الفرهود الفقر والجهل وسيادة القيم التقليدية، وتُهيّمن العشيرة والقبيلة، والحزب، وتزداد الرذيلة، وجيف قلة الاخلاق والدين ؛ حيث تموت التنمية والتطور ؛وتقوى المناصب الحاكمة، وأداة الاستغلال حيث الفساد يصبح ترياق عند الاشخاص الذين يفتعلون المحسوبية والزبونية السياسية، وتنجب مجتمع قائم على الرشوة والابتزاز والفساد من الآخر

فرهود هو مرض معدي وقاتل في العراق أصبح الفساد ثقافة متأصلة، وقانوناً تطبيقياً منظماً لأليات وتبعات الحكم الرديء واستمراره، حيث توسعت خريطته الافقية والعمودية والعالي المنخفض،

اصبحنا اليوم نتحدث عن الموظف الفاسد سيء التصرف الذي ينجز المعاملات الإدارية لقاء رشوة وعينهُ على اللص الكبير هو من يدعمهُ ويقرر من ينفع، ومن لا ينفع يستبعده حتى من العناية ان كان مريضاً او زبوناً بحاجة لإلتفاتة

وفي الحديث ايضا عن فساد عمودي يقوم به كبار المسؤولين الذين يصنعون قوانين التحايل على النظام القضائي، ويبتكرون العقود الوهمية على الورق مع شركات العائلة والأقارب المدعومة بمافيات السلاح والدولة العميقة

واصبح العراقي اليوم مثال الفرهودي اليهودي افعالا ًوطباع، يحلم بأنه سيعيش ويؤسس دولة خيالية بفكرهِ النتن ظناً منه انه سيصنع دبي مثلاً او سويسرا، لكثرة المشاريع التي يسمع عنها ويتخيل بصنعها بفكره الوسخ، ويسعى لها بفعله المراوغ لكنه يستيقظ فجأة على وهم الاحلام؛ ما زال يعيش في نار العيش مع الانقاض والمزابل، وبيته يلفهُ الظلام الدامس دون أن يجد الدولة بقربه!

بلد مشوه الملامح وفرهود الكبير يتفرج الى اين سنصل! لم يعد بلداً تسمع فيه اصوات القانون عالياً، ولا تُحترم قراراته وقوانينه، ولا سيادته مصانة بالفاعل، ولا صالحاً للعيش والتباهي، لم يعد سوى اسماً في خرائط الجغرافية، ومنكوب بوصف التقارير الدولية؛ الأسوأ معيشة، والأكثر فساداً، والأخطر مكاناً، والآخر في ترتيب الأوطان والاردئ في قانون الانسانية
ينام الشعب سعيداً ومسروراً بفعل المخدرات وهو يسمع بدخول المليارات من الدولارات إلى خزائن دولته بسبب فائض النفط وارتفاعه، لكنه يستيقظ ليسمع خبراً عاجلاً بان سعر الصرف خيالياً ومدان ً ويستعد البقية للسرقة والهرب يتبع الابتزاز للعيش، وتجاوز الفقر الحاصل ويسعى للعمل مع اللصوص المجهولة

بلد يسبح بالنفط ومواطنيه يعانون الفقر، بلد فرهود اسود مخيف ، ضيع “الصاية والصرماية” واختلط الحابل بالنابل، وصار يجلس على الحديد الصدأ، وتحت وصاية اللصوص 350 مليار دولار أموال مهربة إلى الخارج، و 300 مليار دولار أموال مهدورة أو مختلسة، و150 مليار دولار رواتب الفضائيين، و80 مليار أنفقت على الكهرباء

وهذه المبالغ وغيرها المخفية، تبني دولاً كاملة، وليست مدناً كبيرة، تبنى عشرات الأبراج وتنشىء مئات من مصانع السيارات والطائرات، والموانئ والمطارات، وتُصدر للعالم فوائض الكهرباء والماء، ويكون العراقي اسعد إنسان في هذا الكون معيشة وسكناً ورفاهية، كذب، نفاق، احتيال، لن نحصد منهم سوى أحلام لا تتحقق ليس لأننا لا نستطيع وانما موت الضمير وخسة البشر في التعامل

وما الضير أن نحلم ونتأمل، فهذا الحلم يمكن أن يتحقق إذا كانت لدينا عقول مبتكرة، وأيادي نظيفة ونزيهة، لكنها صعبة عندما يكون المسؤولين من فصيل البغال والحمير، وارباب الشفط واللفط والصمغ والنفخ، فلا نتوقع منهم أن يؤسسوا لنا حكما رشيداً وعدالة اجتماعية، وأن يرممّوا الوطن بسواتر منيعة
وان يشعلوا لنا أنوار الطاقة والعلم

فهؤلاء القوم جاءوا للخراب، وزرع الجهالة، وتوسيع القبور، ومزابل الجيف والمستنقعات، لا تخدعكم سرقة عدة مليارات من دوائر الضرائب والجمارك، فهي “بخشيش” لموظف صغير فتح للكبار ابواب الرزق الحرام لهم ولعوائلهم وشركاتهم، لا تنخدعوا بما يجري، فهي مجرد رسائل تهديد، وتصفية حسابات بين عصابات ال كوبون العراقي

أطمئنوا فالكل لا يجرؤا أن يفضح زميله السارق، لأن الكل ينام على وسائد الحرام ومعه ملفات فساد الاخوة والاعداء، عشنا دهراً من السنين، ولم نسمع احداً من القادة وكبار الساسة وراء القضبان، سمعنا فقط عن حالات لمواطنين فقراء؛ صبي يبلغ من العمر 8 سنوات يحكم عليه بالسجن المؤبد لأنه يرتدي زي داعش، بينما يُبرأ الكبار من الفساد بسبب صغر سنهم، أو لأنهم ليسوا من أرباب السوابق، قصة ضحك عليها الجاحظ ومات قهراً ، ستجد على لائحة بلد الغرائب والعجائب والفرهود الكثير من المفارقات
وامٌ تطرد اولادها لانها لاتريدهم معها في المنزل

غرائب الزمن، تصويت ضد كاشف الفساد، وبراءة الفاسد، لا أحد ينكر إن الفساد ينهش بوزارات ومؤسسات الدولة، وان جميع العقود تتضخم بالسرقات الكبيرة ويأتي جاهلاً بالأبجديات وينصب نفسه كرسي كبير ، ويمر مسرعاً على الأوطان، وليس له أجندة سياسية، فهو عملية مُمنهجه لنشر الخراب

فالفساد أقوى وأعمق تأثيراً من الحروب العسكرية في تفتيت المجتمع، وخراب النفوس، وفيروس الفساد دخل العراق مع حقيبة بريمر، فأنشئ مدرسة كبيرة لتخريج السياسيين الفاسدين في علوم الفساد والمخدرات وغسيل الأموال والدعارة والرشى والمحسوبية؛ خطة جهنمية لقتل العراق، وجعله جثة هامدة لا يقوى على الوقوف، فقدنا اسلوب الحوار وصل التهديد، والوعيد بين الطلبة، والاساتذة
لن تسمعوا جديداً في قادم الأيام، لأن “الركعة صغيرة والشك كبير” مايصلح بالفضائح والنكات، وسنستقبل الحرامي بالهتاف والنفاق

التدهور السلوكي والاخلاقي هو مايجعل من مجتمع قائم على الا اخلاق وعلى الكثير من الصفات السلبية والمعكوسة بحيث نتعرف به على بلد فرهود كنا سابقاً لانعلم ماهو بلد فرهود، و ظهر لنا قديما مع وجود القومية الاسرائيلية، مع الأسف الشديد اليوم اصبح في جميع الاماكن و أن الإنسان الحر بدون رقيب يتحول الى حيوان مفترس ان لم يجرئ رقيب يردعه من فعله المشين وتصرفه الغير لائق

ثقافة الشعوب اليوم حصرياً تعتمد على افراد المضطهدة والمحرومة من قبل الحكومات المتعاقبة والظالمة والفاسدة والسارقة لأموال تتحول الى بشر لها انظمة غريبة عجيبة لاتمت للتحضر بصلة فما عساني ان اتحدث عن شعب يستبدل عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم بالملك فيصل الثاني وينهي حياته و مكانه بما يسمى فرهودياً

بلد الفرهود تميز انذاك بممرضة عراقية عام 2003 في أحد مستشفيات بغداد تحمل سلاح كلاشينكوف لحماية المستشفى من السراق، وتاريخ الفرهود بالعراق بحسب مصادر مدونة عبر المواقع الالكترونية:
1-فرهود اليهود عام 1941 في بغداد
2- فرهود القصر الملكي عام 1958
3- فرهود عام 1979 بحق العراقيين من التبعية الايرانية
4- فرهود عام 1980 لمدينة عبدان الايرانية عند دخول الجيش العراقي اليها
5- فرهود الكويت 1990
6- فرهود عام 1991 في انتفاضة اذار (احداث 90)
7- فرهود الاكراد في معركة الانفال عام 1988
8- فرهود عام 2003‪ ومازالت مستمرة
واليوم نجد ان الجميع له حكم فرهود، مثل مدير ادارة مكتب في مستشفى يتحكم بدخول الموظفين خروجهم ولرئيس الاطباء بذات المشفى الا بأمر منه وان كان الموضوع خاص، وسكرتير الطبيب يتحول الى مسك زمام حياتك في دخولك لطبيبك الخاص وملزم انت في تقبل اي عمل يقوم به من اهانة او تجريح واسلوب تهكمي فقط لانك واصلت علاجك مع الطبيب ولا تستطيع ان تغيرهُ

ومدير مكتب يرفض ويعين من هم في الدائرة بعلم او بعدم موافقة رئيس المؤسسة والاستاذ يحرم الطالب ويجرمهُ بعلم رئيس القسم وتنفيذ مجالس تحقيقية بمزاجيتهم اين العدالة في ذلك

قد نسوا ان الدنيا مقامات والدنيا لها قانون لايتغير بحسب الترتيب والتفعيل للعمل، فلا عزاء لبلد يحكمه فراهيد الفساد ويؤسس وطن يخيم عليها بالشقلوب يأتي يوم وينهار على رؤوسنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار