‏حدثوني عن أسوأ شعور قد يشعُر بِه الإنسان؟

‏حدثوني عن أسوأ شعور قد يشعُر بِه الإنسان؟

عفاف البعداني.
22 يونيو

أن تستعف محاولاتي بلا نجاة، وتتلاشى آمالي كالغيوم، أن يطير ظلي بلا أجنحة، وأرى شخوصا لا أحد يعرفهم، أسوأ شعور أن أهذي بما لا أريد قوله، وأكتب شيء لا أود كتابته، وأشم روائح ليست مألوفة ، لا أقصد بهذا الكمائن النفسية-فالحمدلله- تجاوزتها كلها بمفردي ولم يأتِ يوم لأكون مدينة لأي أحد منذ أيام خلت ، في النهاية كانت موهبتي الوحيدة التي لم اكتسبها؛ بل وجدتها تكبر مع عنقي الطويل ، هي قدرتي على تحمل الأعباء. الاختلاف الذي يفجر نجم وحدتي بكل جمال، هو فائق التشظي ولا يمكنني الإمساك به أو الإفصاح عنه بمزيد من الأرق؛ لكنه جميل، وماتع رغم تعذّبه؛ يكفي أنه ليس متاح للجميع، ويدس معه وحدتي فقط .

فهدر الثقة، وعفونة بعض الأصدقاء، وطهي المواقف، وصرير المجاملات، وتناغم الأصوات الكاذبة، كلها تؤلم لكنها لم تكن لتؤلمني أنا، لا أحب الانتقام ولا يلزمني الحقد، لم يلفتني الحريق، ولم أعد أستبرد من الجليد ، كلها في داخلي وأنا هادئة بلا أي أثر للشر، قديسة الفكر، أرى في كل خطيئة فضيلة، وفي كل موجة، موسيقى مارقة، لكنّ محاولاتي في أن أتعافى وأتعثر لربما هي الأصعب، محاولاتي أن لا أحتاج لمتكئ فتضج بي الحياة لعكازة هشة لاتبرح معي سوى دقائق فأسقط مرة، ومرات… حتى أنزف تعبا دون إيجاد ما أستند عليه دون أن يلحقني بمنّه وأذاه. صرت أمسك بقلبي كثيرا قبل زيارة الطبيب ؛ أخاف عليه أن يقع فلا يدري كيف يهيأ عودته، أعلق أقراص كآبتي كي لا تضيع، وأرتدي معطف أبي السميك؛ كي يفصلني عن البشرية، أخاف من قريتنا التي تلاحق صحتي بطرقها المتعرجة وترغمني لأستقيل عن العمل بحجة الممرات الطويلة، ولاتعلم أن جبالها كلها شاخت بداخلي، هذا ربما أسوأ شعور حبسته في أنفاسي، أن لا أدري كيف أخلق حياة في جسد يموت، أن أهون في عيني وأكون أضعفني عند تلك الصورة ، أن أكون ميراث الليل المقدس، مريضته مفلسة، وهو طبيب وحيد.

استدراك: كتب مستجديا:” موعدنا الصباح الساعة التاسعة،الجميع ينتظرك، لدينا اجتماع مهم، ولديك مهام كبيرة تلائم خبرتك” همهمت في نفسي سآتيكم هذه المرة لكن ربما بدوني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار