حتمية الوحدة العربية والإسلامية في زمن الصراع المرير ضد قوى الإرهاب الصهيوني

حتمية الوحدة العربية والإسلامية في زمن الصراع المرير ضد قوى الإرهاب الصهيوني

  عدنان أحمد الجنيد 

  تعيش الأمة العربية والإسلامية مرحلة صعبة وفارقة في تاريخها الحديث، مفككة الأوصال معدومة الحيَل، بسبب عمالة أنظمتها، التي وضعها المستعمر الأوروبي عقب جلائه منها، بعد أن قسمها إلى بلدان صغيرة، متباينة الأنظمة، مختلفة الاتجاهات، لضمان السيطرة الدائمة على مصائر بلدانها، وثروات شعوبها، ولتمكين بذرته الخبيثة (دولة الكيان الصهيوني) من البقاء والنماء في قلب الأمة العربية والإسلامية، كالسرطان الخبيث، تنهش في جسد الأمة، وتضمن لدول الغرب الصهيونية مصالحها، باعتبارها حارساً لازدهار تلك الدول، على حساب دمار الدول الإسلامية، التي ترى أن لا بقاء ولا نماء لها إلا بإضعافها. 

على طريق القدس، لولا صحوة بعض أجزاء ومكونات هذه الأمة، ممثلة بمحور المقاومة، لكان ما يجري اليوم في فلسطين – وفي غزة خصوصاً- يجري على الأمة بشكل عام، فالعدو الصهيوني الذي يرتكب المجازر في غزة هو نفسه العدو الصهيوني في أمريكا وبريطانيا وألمانيا، إنها الأنظمة الصهيونية والمتصهينة، التي فرضت إرادتها على الشعوب المغلوبة على أمرها، التي كانت تعتقد أنها هي من رفع تلك القيادات إلى مناصبها، لتكتشف فيما بعد أن ولاءها ليس لها، بل للصهيونية العالمية، التي تتحكم بما يعادل 80 بالمائة من ثروات الشعوب وبمجمل مصائرها واتجاهاتها الفكرية والإيديولوجية بشكل عام والاقتصادية، وتحكم توجهاتها المستقبلية، حتى باتت تدعو إلى إخراجها من كل دين وملة، بدعوى توحيد الأديان، في ما يسمى بالإبراهيمية، بينما هي البهيمية إن شئنا التدقيق في التعبير، فالماسونية والصهيونية تسعى إلى تحويل البشرية أجمعها إلى مجرد قطعان من البهائم، تقتل من تريد منها، وتبقي على من تريد، دون أن تلقى أي مقاومة تُذكر، وهو ما يبرز جلياً في الحصاد البشري الذي تقوم به دولة الكيان في غزة، فهم لم يتقبلوا أن تبرز أي مقاومة تُذكر، لتقف في وجههم وتقول لهم قولاً أو عملاً (لا). 

  وقد اعترفوا بنظرتهم الدونية لما هو سواهم، بأنهم مجرد حيوانات بشرية، فماذا ننتظر ممن يرانا كذلك إلا التملك والقهر والعذاب والقتل والتشريد. 

وفي ظل أوضاع مزرية للأمة العربية والإسلامية، كهذه التي نشهدها أمام التنمر الغربي والصهيوني على أمتنا، ليس أمام الأمة إلا التوحد، على الأقل بالمواقف الصادقة العملية، لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتهدد أمتنا كلها بالزوال والاندثار، وليس فلسطين فقط. 

ولنا مثال راقٍ بتوحد محور المقاومة ضد العدو الصهيوني، وما يحدثه من أثر تدميري في كيانه، عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، وعلى المستوى الاستراتيجي، فجبهة اليمن كبدت العدو جزءاً هائلاً من قوته الاقتصادية، وأفقدته التوازن في الاستقرار الإقتصادي على المستوى الراهن والمستقبلي، كما حطمت جبهة اليمن أسطورة القوة البحرية الأمريكية، وهزمته في البحر، وجعلته يتراجع بحاملات طائراته ومدمراته، وهمشت حضوره وجعلته بلا جدوى.. 

كما أفقدت جبهة لبنان العدو صوابه، وقطعت عليه أطماعه في التوسع شمالاً، وجعلته ييأس من تهديداته بتدمير لبنان، أو جر الحرب إليها. 

كما جعلت جبهة العراق الوجودَ الأميركي فيها على شفا حفرة من الزوال، وأقلقت العدو الصهيوني في مستعمراته وموانئه. 

  هذا كله ومحور المقاومة ليس إلا جزء يسير في جسد الأمة، فما بالنا لو وقفت الأمة العربية والإسلامية كلها موقفاً واحداً، إذاً لحكمنا العالم حينها، ولنشرنا الإسلام الحقيقي بقيمه الإنسانية والأخلاقية العظيمة في كلَ العالم، ولساد السلام كل بقعة على هذه البسيطة، ولانتشر الرخاء وعم الأمن وساد العلم والازدهار، وحكمت الأخلاق، وترقت الأذواق، ولكننا مازلنا تحت سلطة الأنظمة العالقة في حُفَر ومستنقعات العمالة والارتهان إلى الأجنبي الذي يكن لنا الموت والخراب والجهل والدمار والمحو والزوال. 

ومن هنا ندعو إلى نبذ الانقسامات، وثورة الشعوب على أنظمة القهر التي تتحكم بمصائرها، وتجبرها على التسليم لذابحها وقاتلها، وتصوره بحمامة السلام، بينما هو أداة النقمة، فقد تبين للعالم أجمع أن دولة الكيان ليست سوى النموذج الأكبر لداعش، التي صنعتها عقول الصهاينة، وأخرجتها استديوهات الأمريكان، وليس أمام الأمة العربية والإسلامية شعوباً وأنظمة إلا التوحد إن شاءت الاستمرار والبقاء، وإلا فما أمامها إلا الفناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار