تركيا . . تبني ممرّاً يربطها بأتراك آسيا . . بعد هزيمة أرمينيا . .

تركيا . . تبني ممرّاً يربطها بأتراك آسيا . . بعد هزيمة أرمينيا . .

فارس الطالب ✍️

٤ / ١٠ / ٢٠٢٣

استعادت أذربيجان سيادتها على اقليم ( ناغورنو كاراباح ) وكشف الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف عن أهمّ الثمار السياسية التي يسعى إلى قطفها بمباركة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ودعمه وهي انتزاع موافقة أرمينيا على تحقيق الممرّ البرّي ( ممرّ زنغيزور ) الذي يمرّ في جنوب الأراضي الأرمنية ويربط أذربيجان بتركيا عبر ( مقاطعة نخجوان ) التي تتمتّع بالحكم الذاتي .

العملية العسكرية التي قامت بها أذربيجان والتي أدّت إلى أستسلام الإنفصاليين الأرمن في إقليم ناغورنو كاراباح . لن تكون خاتمة الصراعات في جنوب القوقاز الذي يحظى بميزات جيوسياسية كبيرة .

ما تزال إيران تعارض مشروع الممرّ من أساسه . إذ اعتبرت أنّه سيؤدّي إلى ربط تركيا بآسيا الوسطى ويعزل إيران عن أرمينيا والمحيط الأوراسي . وسيؤدّي إلى تطويقها من الشمال .

على خلفيّة رفض رئيس الحكومة الأرمنية نيكول باشينيان السماح لأذربيجان بأن يكون لها ( ممرّ ) عبر الأراضي الأرمنية . كان بمنزلة رسالة إلى كلّ من أرمينيا وإيران . بإمكانية إستخدام القوة لإنشاء الممرّ .

ردّت إيران على هذه الرسالة بمناورات على حدودها الشمالية لتأكيد رفضها أيّ تغيير على هذه الحدود مع أرمينيا .
روسيا صاحبة النفوذ الكبير في المجال الأوراسي تبدو على عتبة تحوّلات كبيرة في خياراتها الجيوسياسية في هذه المنطقة إذ لولا الضوء الأخضر من الكرملين لما تحقّق هذا النصر المبين لأذربيجان.

بوتين يبدّل أولويّاته :
بالطبع يكتسب هذا الممرّ أهمية بالغة في تقاطعات الجغرافية السياسية في المجال الأوراسي بين كلّ من روسيا / تركيا / إيران / أرمينيا / وأذربيجان . إذ إنّ تبدّل أولويات روسيا ونشوء ميزان قوى جديد في كاراباخ يطرحان من جديد تحدّيات هائلة على هذه الجغرافيا المليئة بالتعقيدات.

كان الإذعان الروسي أمراً بالغ الأهمية عندما أغلقت أذربيجان ممرّ لاتشين ( الممرّ الذي يربط بين أرمينيا وإقليم ناغورنو كاراباخ والذي كان تحت السيادة الأرمنية ) في كانون الأوّل 2022 . يبدو أنّ جغرافية أذربيجان التي تشكّل العمود الفقري والمعبر الإلزامي في الممرّ الشمالي الجنوبي . أخذت تحتلّ مكانة رئيسية على أجندة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . وفي ضوء العقوبات الغربية على روسيا وتقليص إتّكال أوروبا على هذا الممرّ لإيصال النفط والغاز الروسيَّين . يراهن بوتين على هذا الممرّ لربط روسيا بالمحيط الهندي من خلال سكك حديدية يخطّط لأن تعبر إيران وأذربيجان وصولاً إلى بحر قزوين ثمّ إلى أراضي الاتحاد الروسي .

تواجه حكومة نيكول باشينيان الأرمنية معارضة كبيرة في الشارع على خلفية الهزيمة المهينة في ناغورنو كاراباخ . وتمرّ حكومته بأزمة ثقة كبيرة مع روسيا إذ ذهب بعيداً في الرهان على الولايات المتحدة الأميركية في حين تراجعت حاجة بوتين إلى أرمينيا مقابل ارتفاع أثمان الجغرافية السياسية لتركيا وأذربيجان .

راقبت موسكو بغبطة سقوط باشينيان في كاراباخ وتنتظر سقوطه في يريفان عاصمته. فهل يشرب الكأس المُرّ مَرّة ثانية ويقدّم تنازلات في الممرّ الجنوبي لإردوغان وعلييف مقابل دعمه وترتيب أوضاعه مع الكرملين ؟
وهل يستطيع تسويق هذه الخطوة في الشارع الأرمني الغاضب ؟
وهل تسعى روسيا مع إيران لإقناعها بالتخلّي عن معارضتها إنشاء ممرّ زنغيزور، مقابل إشراكها في ترتيبات معادلة النفوذ الجديدة بعد سقوط كاراباخ؟

علييف وإردوغان أمام اختبار كبير في القدرة على قطف ثمار التحوّلات في جنوب القوقاز . لكنّ ثمّة حقيقة واضحة وهي أنّ ربط تركيا بدول آسيا الوسطى سيؤدّي إلى تحوُّل جيوسياسي كبير في المجال الأوراسي .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار