المصلحة

المصلحة

فكري محمد الخالد

هاجس طفيف كالبكاء يرشق الذّاكرة بعذوبة ناعمة. وثمّة أمر هناك يسكن أعلى هضبات العقل بهدوء؛ يتأمل بدهشة كيف للعقول أن تسكن هذا العالم المليء بالأشواك والظلام!
ومن ثم يذهب برحلة مع أفكار مصفوفة بانتظام استحوذت ذاكرتي منذ ذاك الوقت وللآن….!
ويا للغرابة أن تجد أشخاصا، تأتي إليهم وحيًا وسكينة، ترافق دروبهم حفظًا ومعية، تريدهم أن يمضوا في رحاب الكون برحلات ناجحة، وأن يكون لهم من الحياة ترديد أصوات متناغمة، ،ولدروبهم آفاق تتلألأ شامخة وعندما تعانق أسماؤهم ناطحات الارتقاء، يجازونك الجفاء والهجر والنسيان، أي بمعنى انتهى دورك الآن ….!
أيها القارئ/ة:
قد يصيبك الغموض في فهم نصنا ولكن ركز معي الآن وستفهم ما قلته بالحرف الواحد، وإذا الغموض ما زال لديك فالخلل منك وليس بمقصد أحرفي.
وسأعطيك قصة قصيرة مؤجزة قبل التطرق للمغزى أي تمهيد لما أعنيه بين طيأت أحرفي.
لنبدأ:
في ذات صباح قطعت مسافة طريقي للمدرسة مع زميل في الثانوية، وقطعنا أميال الطرق الجبلية في نقاشات هادفة، ونخط أجمل الأفكار النّاجحة، حيث كان له أهداف فأخبرني أنه لا يستطيع أن يفعل شيء لحاله ويحتاج إلى يد عون… ولم يكمل الكلم إلا وهتفت قائلًا له: أنا من سيقفُ لجانبك أنا من سيدعمك، حتى تنال ما ترجيه، وتحقق هدفك ويعلو صوت اسمك فخرًا.
ولم يكن كلامي مجرد أقوال له فقط، بل أثبتها بالفعل، وواقعًا ملموسًا، وأحسنتُ الدعم والمساندة له. ويومًا بعد يوم حقق ما رجاه في الأمس وأسقط حلمه واقعًا. وبعد أن ذاع صيته وتمكن من نفسه انتابه الغرور، تغير كليًا لم يعد ذاك الفتى الذي في الأمس نتناقش معًا، ويطلب الدعم والاستناد، وأنه بأمس الحاجة…. بل أصبح غريبا وما ثار دهشتي عندما أتيت إليه مفتخرًا به، لم أشاهد منه إلا آنف الغرور الذي يشع بين ألفاظه ونظراته الساخرة، وكأنني بالأمس لم أكن كتفًا عونًا له منكر جزئيًا بأنه ما وصل إليه اليوم بعد مساندتي له ولولا وقوفي لجانبه ما زال للآن في الحضيض من الرقي ….!
هل وصلت الفكرة الآن؟!
أ راودك مصطلح يليق بما قلته!؟
حسنًا ما مقالي إلا ضرب من ضروب المصالح الشخصية.
فالكثير والكثير يبنون علاقاتهم الاجتماعية لأجل
مصالحهم فقط.
يلبسون أقنعة الصداقة والإخاء والحب، والانسجام لأجل مصالحهم فقط.
يتقربون منك، يشكون لك، يقتدوا بك، يحاولون اكتسابك، يميلون لك، يجاملونك، يدافعون عنك. وكل هذا لأجل مصالحهم فقط.
ومتى ما يتحقق ما يريدوه منك كل شيء حينها كان مؤقتًا وانتهى، وبعد ما ينتهى دورك بحياتهم، ينسون من أنت وما أهميتك بحياتهم، وتنعكس تصرفاتهم معك، أي ينزعوا أقنعة التمثيل وتظهر حقيقتهم، وتدرك ساعتها بأن كل هذا زائف ولأجل المصلحة الشخصية…!
إذًا ما من شخص وجد بحياته أشخاص كهؤلاء إلا وأدرك نيتك منه مسبقًا أو لاحقًا.
لذلك كن على بينة إن حاولت البحث عن مصلحتك في شخص لك علم سابق عنه بأنه عاقل ناضج
لا تظن نفسك بأنه غافل عنك وأنه غبي واستطعت استغلاله، بينما هو يساير عقليتك أو يصد غباءك.
ومن أجل لا تقع بيوم لئيم يجعلك تعاني منه، ويصدمك هول حقارة صاحبه، لا تساير الشخص المصلحي الأناني الخادع، لا ترضخ لطلباته كن سطحيًا معه لأبعد حد. وإن أدركت سابقًا لهدفه منك، من الأفضل أن تصارحه بنيته معك وإن لم تستطع ارفض ما يرده.
أو مد له يد العون كأي غريب، دون تقبل الاحتكاك والاقتراب الزائف النابع منه تجاهك.
ومن رأي يا صاحب المصلحة، أن تبتعد عن بلاهة التفكير هذا، وارتقي بعقلك واترك عنك جهل الجاهلين القدماء.
واصنع علاقاتك بصداقة حقيقية، واطلب المساندة منه كأخ حميم ولا تنسى معروفه ليس من المهم أن تعطيه مقابل وقفته لجانبك، الأهم كن صادقًا بحبك له كن شاكرًا له حتى النهاية، لا تتغير عنه. قد يأتي وقت وكل ما حققته يصبح سرابا، وأنت تعلم بأنه وحده من وقف لجانبك ودعمك. ويستحيل أن يدعمك مرة أخرى، ويكرر الخطأ مرتين؛ بعد إدراكه لأهميتك المؤقتة بحياته، وهدفك المصلحي منه، فكن صادقًا شاكرًا من أجل لا تخسر أشخاص تعرف قيمة ثمنهم بحياتك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار