المخيم الحسيني في ساحة التحرير ..

المخيم الحسيني في ساحة التحرير ..

سعيد البدري

انطلقت في ساحة التحرير وسط بغداد فعاليات المخيم الثقافي الحسيني ولمدة ثلاثة ايام متواصلة بدأت في الخامس والعشرين من محرم الحرام الموافق للعاشر من شهر اب الجاري ،في حدث هو الاول من نوعه يقام في بغداد يمكن وصفه بالمميز لتجاوزه حدود الرسمية وييتيح المجال لمشاركة حرة للجمهور والعوائل البغدادية ، ولعل الغاية من اقامة هذا التجمع هي الدفع بأتجاهات ايصال الفعاليات المرتبطة بالشعائر الحسينية الى الاوساط الجماهيرية ،وبرؤية اكثر تركيزا ودقة ، لتسهم فيها النخبة الثقافية وتضع بصمتها لمواكبة متطلبات العصرنة ، حيث قدم باحثون وشعراء ورجال دين و هيئات حسينية ومؤسسات ثقافية ،فضلا عن فرق مسرحية عروضا مميزة ونوعية ، ركزت بمجملها على التعاطي مع النهضة الحسينية وبيان اثارها العملية في صقل الشخصية الانسانية ، واعدادها لمواجهة التحديات الفكرية ومشاريع الابتذال والانحلال الغربية الرائجة اليوم ،والتي تدعو لامتهان الانسان و الحط من كرامته ونسف منظومة القيم عبر ترويج الشذوذ والانحراف ،هذه الانحرافات التي كانت سببا مباشرا دفع سيد الشهداء عليه السلام للنهضة وايقاظ الامة من غفلتها فكان القدوة والاسوة والمحرك للامة ، لتواجه المنحرفين وترسم مسارها بوصفها “خير امة اخرجت للناس” .

ان اقامة الفعاليات الثقافية المرتبطة بهذا الوجود تعتبر احد اهم مظاهر الثقافة الحسينية والمخيم الحسيني بتنوع اشكال الفعاليات ومظاهر التذكير ومضامينه ، خطوة من عدة خطوات ينهض بها الموالون لتعميم مظاهر الاحياء الحسيني الجماهيري كونها تتجاوز العمل الرسمي الذي يتسم الروتينية غالبا ، و بنتظيم اكثر اتقانا من الفعاليات العفوية الشعبية ، فهناك المسرح والبحث العلمي والمراثي والشعر والاعمال الجماعية التي تستهدف تأكيد مبادئ الثورة الحقة المستقاة من مواقف سيد الشهداء والائمة من بعده عليهم السلام ، والتي تخضع لمراجعة مستفيضة للنصوص التي يجري اخضاعها للتدقيق العلمي والتاريخي بهدف تنقية الشعائر واعطائها ذلك البعد المتفق مع الشريعة ، دون اجتهادات قد يفهم منها المغالاة واخراج الشعائر عن مضامينها كما حضرت اجنحة لمؤسسات ثقافية اتاحت للجمهور الحاضر العفوي بحضوره وتواجده ،و لا يخفىذلك الجهد المشكور الذي أكده القائمين على المخيم ،مع تأكيدات اخرى ان يكون للجمهور المشارك اكثر من خيار وحرية في الحركة والتنقل بين اروقة المخيم واجنحته المتعددة طوال فترة اقامته .

الهدف والغاية واضحان وضوح الشمس في كبد السماء والسعي لبناء الانسان لا يتأتى بفرض الافكار وزج الايدلوجيا ،بل بترك الخيار واثارة الاسئلة وتنويع الاساليب ، فمدرسة الحسين عليه السلام واسعة بأتساع هذا الوجود وهو منبع كل قيمة حقة تتفق بمضامينها مع صلاح الانسان ،لأنه المصلح الحقيقي والفاعل الاكبر، والاكثر تأثيرا في نفوس المؤمنين بعدالة قضيته ووجدان الاحرار ،وسيبقى على الدوام علامة فارقة لا يمكن محو اثارها ، وكما انتصر دمه الشريف على سيوف الغدر والرذيلة ،فستنتصر هذه القيم بين انصاره والداعين اليه ممن يحملون فكره الوضاء ، على اعداء الفطرة وجنود الشيطان ، وفي موضع التقييم فالتجربة بحد ذاتها خطوة تستحق الاشادة والتقدير فمحاولة تهذيب الشعائر والخروج بها من الاطر التقليدية الرائجة لفضاء اوسع ،يهدف لتنمية الذائقة المتفقة مع اهداف الثورة الحسينية بمزج الفنون الابداعية بالوعي الشرعي وهو توظيف يبرز الجمال ويدعو لتعميم هذا الوعي ويشجع النخب الثقافية على توسيع مشاركتها فمدرسة الحسين عليه السلام تسع جميع طلاب الحقيقة وكفى به معلما ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار