الكهرباء نصف الدواء

الكهرباء نصف الدواء

واثق الجابري

“نصف الدواء معرفة الداء”، مثل يُقال للعلة التي لم تكتشف أسبابها، وعند المعرفة نصل الى نصف المعركة مع الداء، فإما أن يكون داءً عندنا علاجه، أو مستعصيًا فنتجنب مخاطره، وفي العراق علل كثيرة، إذا شُخص خللها؛ لوجدنا كل الأطراف تعين وزارة الكهرباء، ونتيجة ذلك إعانة لنفسها.
ترتبط الكهرباء بكل مفاصل الحياة حكومية ومجتمعية، بالصناعة والزراعة والتعليم والصحة ولا عمل يقوم بدون كهرباء، بل حتى جمال المدن صار يُزين بالكهرباء، وتتفاوت ذروة حاجتها من فصل لآخر وأشدها الصيف، وهي ليست كما نظن ، ربط، تشغيل، وإطفاء كما في استخداماتنا، بل سلسلة تتكامل مع غيرها ،وأشبه بالدورة الطبيعية.
الكهرباء في العراق؛ مشكلة في الصيف ومشكلة في الشتاء، وهي كالعلة التي كثرت أوجاعها ولم تُعرف اسبابها، وما يحتاجه كهرباء دون انقطاع ولا دخل له بتعقيدات وصولها إليه، التي تبدأ من محطات التوليد وأنواعها ووقودها، والنقل والتوزيع والأحمال، ودور الموظفين من أكبرهم الى أصغرهم، ومروراً بالفساد والتدخلات السياسية وعملية تجهيز الوقود وشرائه واستيراده، وعدم وجود خزانات وكيفية تحويل الاموال، والربط الخارجي وتسديد الفواتير وعدم الترشيد والتجاوزات.
في كل واحدة مما ذكر حلقة يمكن أن تقطع سلسلة وصول الكهرباء للمواطن، لكن التقديرات تشير الى تزايد مستمر على طلب الكهرباء، وفي العام 2019 كانت الحاجة الى 21- 23 ألف ميكا واط، أما تقديرات 2023م فتقول بحاجة العراق الى 35 ألف ميكا واط، ومع ذلك استطاعت وزارة الكهرباء رفع الانتاج من 20 الى 26 ألف ميكا واط، بتقدم نوعي لو استمر على نفس الوتيرة لتجاوز العراق هذه المشكلة، ومن خلال عمل دؤوب اختصر حلقات الروتين والبيروقراطية، وفق برنامج الحكومة ورؤية الوزارة، وتماشيًا معًا لإنجاح واحدة من بين أهم الاولويات.
إن الخطط الكفيلة لمعالجة المشكلة، جاءت من تشخيص دقيق لمكامن الخلل، ووضع الكهرباء ضمن أولويات الحكومة، ما دعا مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة الى توسيع الصلاحيات ورصد الأموال، والشروع بإنتاج الطاقة النظيفة الذي طال حديثه، ويُطلق مشروع إنتاج الطاقة بالطاقة الشمسية في كربلاء وبابل ، الذي سيوفر 525 ميكا واط بفترة إنجاز اقصاها 12 شهر، ناهيك عن استخدام الدورات المركبة التي وفرت 800 ميكا واط، ودون استخدام وقود، والعمل مستمر لرصد المشكلات قبل الحديث عن الانجاز.
لم تعد الكهرباء وسيلة للإستخدام اليومي، بل سبب للرفاهية والجمال، وما نراه من تزين شوارع بالإنارة، يبعث السرور ويعبر عن جهد كبير متواصل ليل نهار، ومتابعة من اعلى هرم الوزارة ومراقبة مجلس الوزراء، وكل منصف يرى مدن العراق والعاصمة تحديداً بصورة بهية، أعادت ألقها وتأريخها وعمقها الحضاري، وبذلك أصبحت الكهرباء مفصلًا مهمًّا في الحياة، وهي دواء من كل داء بدءًا من عملها لتشغيل الاجهزة الطبية، ومن ثم تحريك الاقتصاد والزراعة والصناعة وحركة السكان، ومعالجة الكهرباء،هي معالجة لنصف المشكلات ،وتبقى القطاعات الاخرى تتحمل النصف الثاني، وكل مواطن له دور بترشيد الاستهلاك، ومؤسسات حكومية ومدنية تساعد وزارة الكهرباء في نجاحها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار