العسكرية بين التجنيد الإلزامي والطوعي والتطوعي

العسكرية بين التجنيد الإلزامي والطوعي والتطوعي

بقلم : محمد فخري المولى

 

القوانين والقرارات للدول التي تنظر للمستقبل جيدا تمضي وفق تسلسل فكري استراتيجي أولا لينتهي بتطبيق عملي يخدم الفكرة ، الفكرة هنا ليست مزاجا ولا فرض رأي لكن دراسة جدوى لسمات قد يكون المال أحد أجزائها ولكنه ليس الأصل فما أصل أو أساس دراسة الجدوى؟
الجواب ببساطة (الإنسان)
الفرد العامل المنتج هو الهدف والغاية ضمن معيار المواطنة الصالحة .
إذن مشروع قانون التجنيد الإلزامي وفق ما قدم هو مؤشر واضح أن :
١. التخطيط بعيد الأمد مفقود
٢. عسكرة المجتمع ضمن رؤى النظام السابق ما زالت مترسخة بعقول العديد من الأشخاص المؤثرين
٣. عدم وضوح عدة مفاهيم ومنها صناعة الرجال .
لنبتدأ بعبارة أو مفهوم مصنع الرجال ولننطلق بعدة تساؤلات
* هل كان المجتمع بأي حقبة يخلو من الظواهر الشاذة
* هل استطاعت العسكرية أن تقضي على الخوف عند الرجال
* هل يعي العديد الفرق بين العسكري المطوع والعسكري المكلف.
هذه الأسئلة أو التساؤلات يمكن أن ننظر من خلالها الأفق الإستراتيجي لصانع القرار .
مفردة العسكري المطوع أو المكلف هي المنطلق،
لو تسائلنا لماذا منذ فترة ليست بالقليلة قد يكون قرن أو أكثر هل هناك اختيار عشوائي للعسكريين أو الأدق اختيار الأفراد للتطوع بالسلك العسكري ، يعلم المختص وغيره أن التطوع يتم من خلال مواصفات جسمانية أول ثم تنطلق باقي الصفات لتنتهي عند الأخلاق .
أما التجنيد الإلزاميّ الذي لم تتغير ملامحه منذ قرن أو أكثر فهو عبارة عن خلاصة اسمها المواطن البسيط كبش الفداء ، فأبناء البسطاء هم وقود الحروب وهم من تلقى على عاتقهم كل الأعمال الشاقة والمتوسطة أثناء تلك الخدمة .
لذا لم يكن التجنيد الإلزامي يوميا مصنعا للأبطال والرجال ولم يكن يوم علاج للخوف عند أي الجنسين وللرجال تحديدا ولم ينهي يوما الظواهر الشاذة للأفراد عبر التاريخ .
إذن ما الذي حدث عند تقديم مشروع القانون؟
القانون حق يراد باطل كوضع السم بالعسل.
قد يستغرب العديد هذا الأمر لكنه الواقع :
١. لو كانت الدولة تبحث عن مصنع للرجال وهو لفظ خاطئ ليكن مصنع الوطنية المواطنة الصالحة .
٢. التجنيد الإلزامي بهذه الصيغة اليوم هو باب من أبواب تحطيم الشخصية وليس بنائها.
٣. الهدف الواضح الاتجاه نحو عسكرة المجتمع دون ضابطة اجتماعية.
٤. الكسب المادي بمختلف صيغه هو الأساس
٥. البسطاء هم الفئة المستهدفة لأنهم الأضعف ماديا واجتماعيا.
لنصل إلى أهم نقطتين:
١. التطوع للعسكري هو عقد لفترة محددة قد يتجدد
٢. التطوع للمدني هو خدمة إنسانية لفترة غير محددة.
محليا بغياب التوظيف واختفاء الطبقة الوسطية وانتهاء أو اضمحلال الصناعات والحَرف بغياب سياسة ورؤى العمل التطوعي هو من سمح أن تكون العسكرة هي الحل.
هنا لأختم بكلمات
ينتقل الأفراد من موقع لآخر سعي للرزق وينتقل الطالب من محافظة إلى أخرى سعيا للشهادة ليسكن بالأقسام الداخلية أو المعارف ويعتمد على نفسه لأعوام من أجل المستقبل الأفضل وأصحاب الحرف يبقى لأعوام عاملا من أجل اكتساب خبرات لحرفة أو صناعة أو مهارة وقد ينفق أموالا لذلك .
الأمر ليس بالامر المخفي لأنه سر الحياة العمل والسعي للعلم والرزق لتأمين وضع وحياة اقتصادية ومالية جيدة مسعى يمضي اليه الجميع ، لننتهي عند العمل التطوعي الذي يسعى إليه الجميع لأنه من الباقيات الصالحات وتهذيب للنفوس وليتعظ أولى الألباب.
ختاما
إن كان هناك ضبابية برؤية المستقبل للشباب انطلقوا إلى سَن قانون ينظم فترات معينة لتكون ضابطة للفئات العمرية وما يرتبط بالدراسة والسعي للتحصيل الدراسي ثم لنوقف الزمن عند نهاية المرحلة الإعدادية لفترة ثم نهاية المرحلة الجامعية الأولى ثم مرحلة الدراسات العليا، ولو كنا نمتلك شجاعة الفرسان وعقل القادة لشرعنا فقرات بالقانون للمثال
خريجو التعليم الأهلي غير مشمولين بالتعيين إلا بعد خمس سنوات على عكس التعليم الحكومي بسنتين وكذلك إلزام أن تكون الكليات المسائية للموظفين ضمن ميدان التدرج الوظيفي وان كنا نحلم فلنردد لا يجوز إضافة أو إبدال الشهادة الثانية للموظف بدل الشهادة والتخصص الأول، لنستثمر هذه الفترات بالعمل التطوعي وليس المجاني بالصناعة والزراعة والتجارة.
لأنه بنظرة استشرافية للمقبل من الأعوام سيكون التوظيف الحكومي حلم والعسكرية بمختلف أشكالها هي العلاج الناجع لمن لا حل له.
تقديري واعتزازي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار