العراق و العلاقات الدبلوماسية..

العراق و العلاقات الدبلوماسية..

ماهر عبد جودة

للعلاقات الدبلوماسية بين الدول الأثر الفاعل في حفض الأمن والإستقرار وتوفير بيئة سياسية وإقتصادية ومناخ علاقات متكافئة، تتيح المجال واسعا لكل دولة لتنفيذ خططها التنموية ومايناسب ومامتاح لديها من موارد طبيعية وبشرية، والفكر السياسي السائد والأيديولوجية المتبعة في كل بلد، كل ما تقدم يرسم شكل تلك العلاقة ولونها، ويرسم الملامح العامة لكل نظام سياسي حاكم وموقعه بين دول العالم إن كان مرموقا أو منبوذا.

في عصرنا الحالي طغت ملامح العولمة بل تغلغلت في ثقافات مختلف شعوب الأرض وتحول العالم بأسره تدريجيا إلى قرية صغيرة، حيث الإقتصاديات المتداخلة وتكنولوجيا المعلومات المتيسرة بسهولة حتى لشعوب البلدان الفقيرة والتي من خلالها أصبح كل شيء مكشوفا حدثا أو صناعة أو صرح علمي جديد، وأمام تلك المعطيات المستجدة لايمكن لأي نظام حكم إن يوصد الباب على نفسه ويغلق النوافذ حتى عن رياح التغير التي قد تأتي عاتية وسريعة؛ لذلك إذا لم يُحسن التعامل داخليا وخارجيا فمعنى ذلك الإنتحار بعينه، أو الرهان اللاواقعي الخاسر الذي لايصمد طويلا، لأننا جزء من العالم نتأثر به ونؤثر أيضا.

إن إكتشافات العقل والتكنلوجيا والإتجاهات السياسية الحديثة سائرة بإتجاه الإيمان بالقيم الديمقراطية والليبرالية الإقتصادية والفكرية، والعراق بعد ٢٠٠٣ خرج من الإنغلاق والنظام الذي يحكم بالحديد والنار وتحت سلطة حاكم وأحد وفكر وأحد ويتبنى أنماط أعراف دبلوماسية غاية في العداء والتوتر مع أغلب دول العالم ولم يتقدم نتيجة لذلك قيد أنملة في مشاريع التنمية وحقوق الانسان، وظل يجتر المفاهيم المغلقة والموغلة في القِدم كالطائفية، العشائرية والقومية ويحاول تسويقها بطرق شتى.

المطلوب من عراق اليوم وتحديدا طبقته السياسية الحاكمة والمتصدية أن تنتبه لتلك النقطة وتعمل بكل ماتستطيع للتكيف مع المتغيرات الحاصلة في العلاقات الدولية وتصوغ سياسة خارجية محكمة تراعي فيها المصالح المتبادلة بين العراق ودول العالم.

هذه المهمة مناطة بالدرجة الأولى بلجنة العلاقات الخارجية في البرلمان ووزارة الخارجية، حيث تقوم بتوحيد الخطاب الوطني للرئاسات الثلاث عند تبادل أدوارها الخارجية وكذلك خطاب الهيئات المستقلة والأحزاب والكتل السياسية الفاعلة بضمان عدم المساس أو التدخل أو الإساءة للأنظمة الأخرى المجاورة والإقليمية والعالمية ورفع مكانة العراق وشأنه بين دول العالم، كبلد محايد ووسيط معتمد لحل نزاعات المنطقة ونزع فتيل صراعاتها والوقوف بشكل إيجابي في جبهة واحدة مع دول العالم المتقدمة للتصدي للإرهاب والتطرف وتجفيف مواردة الفكرية والمادية.

على وزارة الخارجية ومن أجل النجاح في نهج دبلوماسي يؤمن مصالح العراق وشعبه أن تدقق جيدا في السلك الدبلوماسي المعتمد لديها عند دول العالم والإختيار يكون مهنيا حرفيا بعيدا عن تأثيرات المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والعلاقات الحزبية والمصالح الضيقة ضمان علاقات دبلوماسية شفافة وقائمة على توازن المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد آخر وإبرام الإتفاقيات الأمنية والإقتصادية والتجارية مع جميع دول العالم خصوصا تلك التي وقفت مع الشعب العراقي بعد التغير في جميع المحن والأزمات التي مر بها سيمكن العراق حتما من بلوغ حالة الإستقرار والتقدم الناجز وفي كل الميادين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار