الصوم والذكر نصر وفلاح

الصوم والذكر نصر وفلاح

ق. حسين بن محمد احمد المهدي

للصوم فضل عظيم وثواب جسيم
يترك الصائم شهوته وطعامه وشرابه طاعة لربه مؤمنا محتسبا للأجر والثواب من رب العباد
فتزكو نفسه، ويصح جسمه، وتتوق روحه وقلبه لذكر الله (الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّـهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
إذا كان الصوم يرقق القلب، ويقرب العبد من ربه،
فإن الذكر لله يقوي إيمان الصائم ويرفع من مكانته
فهو شرف للذاكرين،
وعدة للصابرين،
وعون للمتقين، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
إن الصائم الذي يذكر ربه بلسانه وقلبه يظفر بمأموله ويفوز في صيامه؛ لان الذكر يمد نفس الصائم بالسكينة والاطمئنان والخلق الحسن والوقار، وفي الحديث (ماعمل آدمي عملا أنجى من عذاب الله من ذكر الله عز وجل)
لو يعلم الناس مافي الذكر من شرف
أمضوا الحياة بتسبيح وتهليل
والذكر فيه حياة للقلوب.
فالذكر في جوف الليل يقوي إيمان الصائم ويعلي شأنه، فمن جد وجد.
وقد جاء في الحديث( أقرب مايكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فَكُنْ).
والذكر في كل الأوقات محبب مالم يكن الإنسان جنبا، فقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كان يذكر الله في كل أحواله مالم يكن جنبا).
والصائم يستحب ان يكون أكثر الناس ذكرا لله واستعانة به.
فهو يعين الصائم على الصوم ويقربه من ربه؛ لانه مما يتقرب به إلى الله في طلب رحمته وفضله ونصره وإحسانه.
ولهذا أمر الله به في محكم كتابه (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ).
فالذي أمد الأنسان بالمال والبنين هو الذي اوجده، وهو المتصرف في الكون يامره بذكره كي يذكره ويعطيه وينصره ويعافيه.
فالمجاهدون اليوم للعدو الصهيوني في شهر الصيام بحاجة إلى ذكر الله وطلب المعونة والنصر على هذا العدو الصلف الذي يبيح الدماء والاعراض، ويغتصب المقدسات.
فالنصر يحصل في شهر الصيام مع الذكر لله (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وعلى المتخاذلين والقاعدين ان يفيقوا من غفلتهم وركونهم إلى الدنيا التي لايمكن أن يكون الركون إليها مؤسسا لعزة او خلود، كيف والحق سبحانه وتعالى يقول(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَ كانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً).
فالقرآن يؤكد فناؤها وازوالها وذهاب ملكها ومتاعها، كما أخبر مؤمن ال فرعون قومه(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ).
والمتاع: هو مايتمتع به صاحبه برهة ثم ينقطع.
فهي تتقلب ويتبدل ملكها إلى عدم، وصحتها إلى سقم، وشبيبتها إلى هرم، وحياتها إلى موت وفناء، فتفارق الأجسام النفوس.
فأي حب هذا لأمر زائل توعد الله من اثره على حبه وحب القتال والجهاد في سبيله بوعيد شديد (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لايَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
وقد وعد الله المؤمنين وان كانوا فئة قليلة بالنصر مع الثبات والذكر للحي القيوم كما سبق الإشارة إلى ذلك.
فعلى الصائم ان يغتنم هذه الايام الفضيلة بالذكر الكثير (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً).
فاذكروا الله أيها الصائمون واسألوه النصر والظفر والفتح المبين، وابشروا بالنصر ف(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
وقد أعد الله للصائمين والذاكرين مغفرة واجرا عظيما (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).
إن بشائر النصر في البر والبحر تلوح لانصار الله وحزبه (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
ولا نامت أعين الجبناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار