الحِمارُ المُغوار .. رمز الثوار !!!

الحِمارُ المُغوار .. رمز الثوار !!!

ا.د.ضياء واجد المهندس.

 كتب د.فارس الحسيني مقالا سابقا لنا بأسلوبه واضاف له ابيات شعر ، رائق المقال و احببت إعادة نشره.. …. …. …. ..
كانَ هُناكَ مَلكٌ طاغيةٌ سامَ شعبهُ الخَسف والهوان ، وأَجاعَهُ وتَلَذَّذَ في تَعذيبِهِ ، وكانَ يُلقَّبُ بِ( صَيَّاد رُؤوس الرِّجال وصَيَّاد … النِّساء !) لأنَّهُ كانَ يُعَلِّقُ رُؤوسَ مُعارضيهِ _ مِنَ الرِّجال_ على باب القصر ، ولأنَّهُ كانَ يَبحثُ عن كُلِّ فتاةٍ جميلةٍ في مَملكتِهِ لِيَنالَ مِنها بالإِكراهِ ما تأمرُهُ نفسُهُ الأَمَّارة بِالفُجور ! ، وكانَ الشَّعبُ يَرتجِفُ مِن اسمهِ أكثرَ من ارتجافهِ من بَردِ الشِّتاء القارس! ، فكانَ يُطيعُهُ ويَرقُصُ لَهُ ويُغَنِّي بِحياتِهِ وينشدُ لهُ الأشعارَ ويرسمُ صُورَهُ على الجُدران وينحت لهُ التَّماثيل اتِّقاءً لِشَرِّهِ ، لكنَّهُ كانَ يَدعو عَلَيهِ بِالهلاكِ كُلَّ ثانيةٍ ويَتَمنَّى لو أنَّ قُوَّةً خارجِيَّةً تُزيحُهُ ولو بِالاحتلال !
وفي يَومٍ ربيعي ، وَقَفَ حِمارٌ ضَخْمٌ أبيضُ يَتَفنَّنُ بالقَفز ، وبالنَّهيقِ العَذب المُطرِبِ ، ويَتَصرَّفُ بِذكاءٍ خارِقٍ بِالنِّسبةِ لِحمارٍ ! ، حتَّى قالَ النَّاسُ :
_ حِمارٌ جميلٌ وصَوتُهُ مُطرِبٌ ، وذَكاؤهُ خارقٌ ! ، هذه من عجائبِ آخِرِ الزَّمان !
وَوَصَلَ نَبَأُ الحمارِ العَجيبِ إلى الملك الطَّاغية ، فَخَرَجَ مِنَ القَصر لَيَرى الحمارَ ، وحينَ رَآهُ أَصابَهُ الذُّهولُ ، فاقترَبَ مِنَ الحِمارِ لِيُمسِكَهُ ويَضمَّهُ إلى حديقة حيوانات القصر العجيبة ، لكِنَّ الملكَ الطَّاغية حينَ اقترَبَ من الحمارِ أدارَ الحمارُ ظهرَهُ إليهِ واستدبَرَهُ ورَمَحَهُ بِحافِرِهِ رَمحةً قَوِيَّةً جِدَّاً على قلبِهِ فهلَكَ فيها الطَّاغية في مكانهِ على الفَوْر ! ، فَفَرَّ الحَرَسُ المَلَكيُّ وهاجَ الشَّعبُ ودَخَلُوا إلى القصر ونَهَبُوهُ !
وحينَ خَفَتَتِ الفوضى قليلًا ، صَعِدَ خطيبٌ على أعلى مكانٍ في القصر وخاطَبَ الشَّعبَ قائِلًا :
_ أيُّها الشَّعبُ : لَقد أرسَلَ اللهُ إِليكُم حِمارًا مُغوارا، مخلصا ومُخَلِّصًا لكم من حُكم الطَّاغية المَلعون ! ، فقد فَعَلَ هذا الحِمارُ بِرَفسةٍ واحدةٍ ما عَجَزَتْ عنهُ عَشَراتُ مُحاولاتِ الانقلاب والاغتيال التي قامَ بِها الثُّوَّارُ ! فَالمجد والخُلُود لحِمارِنا المُغوار !
فَهاجَتِ جُمُوع الشَّعبِ هاتفةً :
_ عاشَ الحِمارُ المُغوار ! ، عاشَ مُحرِّرُ الشَّعب !
وَأَنشَدَ شاعرُ الشَّعبُ قائِلًا :

لَقَد ثارَتْ على الظُّلمِ الحَميرُ
إِلى أَبَدٍ كَبُركانٍ يَثُورُ !

أَلا لا تَعجَبُوا لِلصَّبْرِ حَدٌّ
وإِنْ قِيلَ : الحِمارُ هُوَ الصَّبُورُ !

فَخَلَّصَ شَعبَنا هذا حِمارٌ
لَهُ فَضْلٌ وإِحسانٌ كَبيرُ !

حِمارٌ كانَ مِقدامًا جَسُورًا
وفازَ بِلذَّةِ الدُّنيا الجَسُورُ !

إِذا انتَفَضَ الحِمارُ يَصيرُ لَيثًا
كَأَنَّ نَهيقَهُ العالي زَئيرُ !

وَ أولى أَنْ يَكونَ لَنا مَليكًا
فَإِنَّ الحُكْمَ دُولابٌ يَدُورُ !

فَقالَ الخَطيبُ :

_ نَعم ، لَسنا ناكِرينَ لِلجميل ، ولا جاحِدينَ لِلمعروف ! ؛ أحَقُّ النَّاسِ بِأن يَحكمَ هذه البِلاد هُوَ مَنْ خَلَّصَنا مِنَ الطَّاغية الملعون ! ، ولكنَّهُ يَبقى حِمارًا و وفق الدستور لا يَستطيعُ الحكمَ ! ؛ لِذلكَ فَسَوفَ نَعتبرُهُ الحاكمَ الرَّمزيَّ لِهذه البِلاد ، ونتتخبُ مَلِكًا يَحكُمُنا نِيابةً عن هذا الحمار المُخَلِّصِ ! ، وسوفَ نُسكِنُهُ في غُرفة نوم الطَّاغية ونجعلها لَهُ حظيرةً وسوفَ نُحضِرُ لَهُ أجملَ أتانٍ ( حمارة) _ كُلَّ شَهرٍ _ لِيُنجِبَ من كُلِّ أَتانٍ سُلالةً مَلكيَّةً تَحفظُ نسلَ هذا الحِمار الشُّجاع الثَّائر ! ، وسنعلِفُهُ أجودَ الأَعلاف ونُخصِّص لَهُ كبارَ الأطبَّاء البَيطَريِّين لِلعناية بِصحتِهِ الغالية ! ، وسَوفَ نَستبدلُ صُوَرَ الطَّاغية وتَماثيلَهُ بِصُوَرٍ وتَماثيل لِهذا الحمار في كُلِّ شِبرٍ من أشبارِ هذه المَملكة فَهو رَمزٌ لِكفاح شَعبِنا ضِدَّ الطَّاغوت والظُّلم ووفاءً وعِرفانًا مِنَّا بِالفضل والإِحسان والجميل لِهذا الحمار !!
فاعتلتِ الأَصواتُ الهادرةُ كالأَمواج الصَّاخِبة :

_ عاشَ الحِمارُ المُغوار ، عاشَ رمز الثوار ! البروفيسور د ضياء واجد المهندس. مجلس الخبراء العراقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار