الحوار والتصنع ؟!

 

 

 أحمد القيسي

 

يُعرف الحوار عموماً ، بأنهُ عملية تشاور متبادلة الهدف منها السعي وراء تحقيق التفاهم المُشارك عبر بوابة الإستماع الفعال والعاطفي من أجل أكتشاف أوجه التشابه وفهم الأختلاف في وجهات النظر المتنوعة .
الحوار ليس مجرد مناظرة أو مناقشة عادية ولا يتعلق بتاتاً بأقناع الآخرين بالموافقة على وجهة النظر للطرف الآخر أو تغيير مايؤمن به ، أنما يرمي الحوار إلى تخطي عقبات سوء الفهم وتبديد الصورة النمطية من أجل تعزيز التفاهم المتبادل .
والعملية الحوارية متمحورة في الأساس حول تنمية الأحترام المتبادل بغية بناء علاقات مستدامة . لذلك فأننا نراها تركز تركيزاً على توضيح كل أوجه النظر والتشابه والأختلاف في أي موضوع بين أثنين أو أكثر كمجموعة من الناس كما أنها تبني جسوراً من الود والتفاهم بين أصحاب الآراء المختلفة سعياً إلى تحول العلاقات الإنسانية القائمة على الجهل والتعصب إلى حالة أعمق من الفهم والأحترام لما هو مشترك وماهو غير مشترك .
ويرى خبراء النفس أن للتصنع أسباباً نفسية عدة ناجمة عن أحساس التصنع بأنه أكبر شأناً من الآخرين ، وقد يكون المتصنع شخصاً يشعر بالنقص فيهرب من شخصيته إلى نوع من الطباع السلوكية للإندماج بشكل أفضل يضنهُ ، وهناك أسباب مرضية قد تكون مرتبطة بخلل عقلي ، ومن سلبيات التصنع أنهُ يجعل المصاب بهذه الآفة يبدو غير طبيعي .، ويفقد التعامل وأن الفرق بين التصنع وتطوير الشخصية .. هو أنهُ هناك فرق شاسع وكبير بينهما ، حيث أن التصنع زائف أما تطوير الشخصية فهو أمراًحقيقياً حتى يتم التوصل إلى نتيجة مُرضية ومقبولة تحقيق الرضا النفسي .، بينما التصنع يحدث نتيجة تقليد ونمذجة معينة دون المرور بمراحل حقيقية تؤدي إلى وجود النتيجة الظاهرة .
ومن ناحية أخرى يمكن القول بأن تطور الشخصية متفق مع المبادئ والتوجهات والعقائد ، ومبني على أساسها ، بينما الآخر في التصنع مختلف تماماً حيث أنهُ لا يتفق مع الشخص ولايدل على ما لديه من مبادئ وقيم وتوجهات والهدف منهُ الظهور الإجتماعي فقط بينما تطور الشخصية الهدف منهُ تحقيق الرضا النفسي ومن ثم التطور الإجتماعي وتحقيق المركز وبعدها الظهور إن أمكن .
إن التصرف على الطبيعة دون تكلف أو تقليد هي سمة فُطرَ عليها الإنسان منذُ النشأة الأولى قبل أن تدخل العوامل المساعدة على التغيير في الشخصية وتمسخها فلا أجمل من الشخصية البسيطة في السلوك والتعامل والحديث وأسلوب الحياة ، وجمال الإنسان يكمن فيما يتركهُ من أنطباع مريح على من حوله ، على عكس التقليد والزيف والظهور بشكل مختلف عن الحقيقة والطبيعة التي يكون فيها الفرد متناسياً لطبيعته ومغيب لها وهذا هو التصنع الذي بموجبه يقوم الفرد بلبس قناع مزيف لذاتهِ وهي دلالة على أنهُ غير معترف بقدراتهِ ومميزاته وواقعهِ .
وفي الآخر فأن التصنع هو مرض إجتماعي ذو جذور نفسية ..! لأبعاد الإنسان عن عفويتهِ و تلقائيتهِ والتصرف بتكلف بعيداً عن واقعهِ لأسباب معنوية ومادية مفقودة بالنسبة لهُ ، وقد أصبح التصنع الآن ظاهرة عريضة الإنتشار في المجتمع فأصبحنا نمثل أدوار غير واقعية ولا تعبر عن حقيقية شخصيتنا ، كأي ممثل يمثل دور نُسب إليهِ ليتقمص شخصيته في هذا الدور والإجادة في التصنع فيه .
فالخلاصة في الحياة الصادقون لايعرفون التصنع .. كلما همو إليه بالتلون فضحهم بياض قلوبهم ..
أللهم أجعلنا من المخلصين في حياتنا وأعمالنا مع العباد .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار