الأربعينية مشهد للنصر المهدوي الموعود
أمل هاني الياسري
ظالم فاسق يريد إخضاع الأمة، تحت جبروته، وطغيانه، وفساده، كان ينوي قيادة الدولة الإسلامية، ودينها المحمدي الأصيل، الى الدمار، والتحريف، والإنحلال، ومحو ثقافة الإسلام، ومفاهيم القرآن، وروحه، وآدابه، فجاءت الصرخات مدوية، بثورة مليئة بالأسرار الروحانية، وبمسيرة سماوية حافلة بالدماء والدموع.
ثورة إنسانية كبرى، موقف ومصداقية، تضحية وشعار، معاناة ودروس، عَبرة وعِبرة، رغم تجاهل بعض المغرضين، ثورة تختلف عن العصيان والتمرد؛ لأنها ثورة تصحيح مسار الدين، ثورة عالمية حاضرة فاعلة، مؤثرة منتجة في وجودنا ومجتمعنا الإسلامي، في أروقة كربلاء (سنة 61للهجرة).
مسيرة الأربعين هي أن تكون مع الحق، بغض النظر عن الحسابات الأخرى، فالأربعين من عوامل انتصار القضية المهدوية، ونهج الأحرار الذي سلكه المناصرون والسائرون فيها، مسيرة عظيمة بكبريائها وكرامتها، ودرس للإنسانية جمعاء، في بناء حاضرها ومستقبلها، مسيرة تعد اثباتاً للحق.
التضحية في رحاب الحسين (عليه السلام)، يجعل الشهادة ذات طعم خاص ونعمة عظيمة؛ لأنها رسالة حياة لا رسالة موت، إنها تضحية بالنفوس ليعيش الآخرون، حقيقة لن تغيرها السنون، ولا تمحوها الأيام، أن الحسين (عليه السلام) هو حامل راية مشروع السماء.
القضية المهدوية مرتبطة ارتباطاً روحياً بالقضية الحسينية، وهي مدخل لبناء الإنسان، وتطهير قلبه، واستنفار للمشاعر والعواطف، وتوجيه الطاقات في الاتجاه الصحيح، وعليه فمسيرة الأربعين مشهد من مشاهد النصر المهدوي؛ لأنها تعلمنا ثقافة الاصطفاف مع الحق والانتصار له، والوقوف بوجه الظالم.
الدمعة والبكاء تعبير سليم، عن موقف سياسي بحدوده الدنيا، وتعاطف مع المظلوم، لكنها دمعة انتصار وقوة وكرامة، عكس ما يظنه التافهون، أنها انكسار وضعف، وأهل البيت عليهم مدرسة كبرى، طرحت منهجاً شاملاً لتكامل الحركة الإنسانية نحو الله، فجمعتهم قضية واحدة.
لقد حطم الإمام الحسين (عليه السلام) بكربلاء، طاغوت الإنحراف المتستر بالدين، وكشف زيف الأمويين، ففتح الحسين بنهضته الثورية، باباً عظيماً من أبواب الحرية، وأيام الأربعين تنقلنا من قوانين الأرض الى رحاب السماء، طلباً للثأر مع صاحب العصر والزمان، الحجة المنتظر(عج).
مبادئ الصلاح والإصلاح تستحق التضحية، وتتطلب الشجاعة في التشخيص والعلاج، ودماء الحسين (عليه السلام) مفتاح هذا النصر السماوي؛ لأن نهضة الحسين فوق مقاييس الربح والخسارة، وعليه نجدد عهد الوفاء والولاء، لهذا البيت العلوي الطاهر، في مسيرة عالمية هي مسيرة الأربعين.