اريد ان أحتفل، أنا حر. !!!

اريد ان أحتفل، أنا حر. !!!

د. محمد ابو النواعير.

قبل ايام، نشرت مقالا بسيطا تحدثت فيه عن المخاطر الخفية للتمسك ب/ او اتباع الثقافات الغريبة عن ديننا واخلاقنا، وقد ذيلت المنشور بمقولة لاستاذ الحوزة العلمية سماحة السيد اسعد القاضي أعزه الله.

توالت عليّ ردود الرافضين لمقالي، رددت على بعضها، وأرجأت الأخرى لأهميتها، ولضرورة افراد رد خاص بها.

اهم نقطتين تعرض لها المؤيدين للاحتفال هما:

١- الاحتفال يمثل حرية شخصية، وانا حر في ان احتفل في ليلة رأس السنة في اي وقت اريد.
٢- الاعتراض الثاني وهو الاكثر رواجا فيما بينهم (حتى تحس وكأنهم متفقون على هذا الرد)، وهو الرد الذي يحاولون ان يكسروا فيه قبح ما يفعلون، بادراج قبائح أخرى، ليكون ذلك مبررا لاستمرارهم فيما يفعلون، بحجة انكم تنتقدون احتفال رأس السنة، وتتركون نقد المخدرات وسهر الشباب في الكوفي شوبات وو، الخ

بعيدا عن احتفالات رأس السنة، وشجرة عيد الميلاد، والامنيات، وما يصاحبها من غناء وشرب خمور واختلاط بين الرجال والنساء ورقص وتحلل، فكل تلك سوف اضعها على جنب، لأحاول ان ارد على هاتين النقطتين المهمتين اللتان اصبحتا شعارا يرفعه كل من يريد ان يسوغ لنفسه وللآخرين ارتكاب المحرمات.

اما أولا، فهم يقولون اننا احرار فيما نفعل، طالما ان حريتنا لا تصطدم بحريات الآخرين.
نعم هو صحيح، ولكن في هذا الطرح ثلاثة موارد يجب الانتباه لها وتبيانها، حتى نخلص من تدليس المؤيدين للاحتفالات، وهي :

أ- حريتي تقف (دينيا)، عند حدود وضوابط ونواهي الشرع المقدس، فاي مخالفة هنا ستجعلني من اهل المعاصي.

ب- حريتي تقف (مدنيا) عند حرية الآخرين.

ج- حريتي تقف (مؤسساتيا) عند بنود اتفاقي وتعاقدي مع الجهة او الايديولوجيا او الدولة او الدستور او الدين او الشريعة التي انتمي لها.

والنقطة (ج) هي محل الشاهد، وهي المهمة عندي. !

يعني مثلا:
انا حر في ان اصحو من النوم صباحا في اي وقت اريد.
هذا صحيح.
ولكن عندما اتعاقد للعمل في مؤسسة، واتعهد بالالتزام بضوابطها، سوف لن اكون حرا في النوم صباحا لاي وقت اريد، بل اصحو واذهب للعمل في هذه المؤسسة في الوقت الذي فرضته عليّ هذه المؤسسة.

بمعنى آخر:
تسلب حريتك في حال انتمائك (ولو تعاقديا او روحيا او اعتباريا او قانونيا او دينيا، بل وحتى اجتماعيا) الى اي مجموعة او دين او فئة او مؤسسة او دولة.
واذا تعارضت حريتك مع هذا الانتماء، يجري استبعادك او فصلك او طردك.

كذلك المعنى مرة أخرى:

عندما تقول او تدعي او تعلن انك مسلم شيعي، تتبع شرع محمد وال محمد، فهذا يعني انك لست حرا فيما تفعل، بل انت ملزم بأن تتبع اوامر ونواهي وضوابط والتزامات هذا الدين، ظاهرا وباطنا، وان تلتزم بالشروط الاخلاقية و التعبدية والعقائدية والسلوكية التي تفرضها لوائح هذا الدين.

فلا يحق لك ان تدعي انك مسلم شيعي، وتجاهر بعدها بمعاصي وذنوب وانحرافات يرفضها الدين، متبجحا بانك حر.

نعم، الحرية تتيح لك ان تنسلخ عن انتمائك الديني والعقائدي، بشرط ان تعلن ذلك على الملأ، وعندها يحق لك ان تمارس ما تريد، على شرط ان لا تكون ممارساتك مصطدمة مع عقائد ومقدسات وضوابط الأغلبية التي تسكن وسطها، اي انك اذا اعلنت عدم اسلامك، سوف لن تكون حرا ايضا، بل ستضطر الى ان تعيش في بيئة متوائمة ومتوافقة مع عدم اسلامك وانحرافك (الحر) !!

النتيجة:
تريد تصير حر، أرجِع الاسلام لاهله، واخرج عن انتمائك لهذا الدين، واذهب للعيش وسط اي مجتمع او مدينة تؤمن بالتحلل والانحراف كحرية، وان خالفت الاديان. !

نقطة، راس سطر.

ان شاء الله في المقال الثاني سأتعرض للنقطة الثانية التي تبجح بها المعترضون.

د. محمد ابو النواعير.
دكتوراه في النظرية السياسية/ المدرسة السلوكية الامريكية المعاصرة في السياسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار