وجه الأهوارِ .

 

 

 

وجه الأهوارِ

 

نعمة العزاوي / العراق 

 

جاءَ على غيرِ ترحابٍ أبو العوز،
يخطُّ رعشَ رجليه بعُكّازٍ هرِم،
كيف لتلك العجوزِ الشّمطاءِ
أن يشعَّ من يديها كرمُ العطاء!
آلت العُسرة نفسَها منذُ أن نُصبَ
بيتُ العزاءِ على أرضِ السّواد،
حيث يبُس وجهُ نضارةِ الأهوارِ،
وشُقِّقت تجاعيدُه بفأسِ الجَدب،
غُيّرت تلك الزّرقةُ النابضةُ بالحياةِ
ببقايا سوادِ جلودِ وأْدِ الجاموس،
حيث شاخت الزوارقُ منتظرةً
على ضفافِ ناي حزنِ القصبِ،
كأنّ الشّياطينَ تُمشّطُ شعثَ شعرِها
ببقايا عظامِ مقاصلِ نفوقِ الأسماك،
أرى أنّ الأمرَ وصلَ حدِّ بكاءِ الغرابِ
على جرّته التي لم تُسعفْه، بعد أن
أُريقَت بقدمِ ذلك المعتوه القَحط،
فما فائدةُ رصّها بعديدِ الحَصى!
لو مررتَ ليلًا بتلكَ المآخذِ
لغابَ عقلُك من هديرِ الأصواتِ
كأنّها أنينُ رمَقِ الأطفالِ،
وعويلُ صرخاتِ الأمّهات،
حتّى المجاذيفُ أوقدت
بلفحاتِ وطأةِ نارِ الرّحيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار